تعالى:{وَلاَ تُبَشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَكِفُونَ فِى الْمَسَجِدِ} إذ ذكر المساجد لا جائز أن يكون لجعلها شرطاً في منع مباشرة المعتكف؛ لمنعه منها وإن كان خارج المساجد، ولمنع غيره أيضا منها في المساجد، فتعين كونها شرطاً لصحة الاعتكاف، ولا يفتقر شيء من العبادات للمسجد إلا تحيته والاعتكاف والطواف. ولو عين المسجد الحرام في نذره الاعتكاف .. تعين، وكذا مسجد المدينة والمسجد الأقصى إذا عينهما في نذره .. تعينا في الأظهر، ولا يقوم غير الثلاثة مقامها لمزيد فضلها، قال (صلى الله عليه وسلم): «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى» رواه الشيخان، ويقوم المسجد الحرام مقامهما المسجد الحرام مقامهما ولا عكس؛ لمزيد فضله عليهما، ويقوم مسجد المدينة مقام الأقصى ولا عكس؛ لأن مسجد المدينة أفضل من المسجد الأقصى، قال (صلى الله عليه وسلم): «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مئة صلاة في مسجدي هذا» رواه الإمام أحمد، وصححه ابن ماجه. ولو عين زمن الاعتكاف في نذره .. تعين على الصحيح، فلا يجوز التقديم عليه، ولو تأخر .. كان قضاء.
الثالث: المعتكف؛ وشرطه الإسلام، أي: والعقل، والنقاء عن الحيض والنفاس والجنابة ولو صبياً ورقيقاً وزوجة، لكن يحرم بغير إذن السيد والزوج، فلهما إخراجهما منه، وكذا من تطوع أذنا فيه. نعم؛ للمكاتب أن يعتكف بغير إذن سيده؛ إذ لاحق له في منفعته كالحر، وكذا للرقيق إذا اشتراه سيده بعد نذره اعتكاف زمن معين بإذن بائعه، وقياسه في الزوجة كذلك، والمبعض إن لم يكن بينه وبين سيده مهايأة .. فكالرقيق، وإلا .. فهو في نوبته كالحر وفي نوبة سيده كالرقيق. وخرج بـ (المسلم): الكافر، وبـ (العقل): المجنون والسكران والمغمى عليه والصبي غير المميز، فلا يصح اعتكافهم؛ إذ لا نية لهم، وبـ (النقاء عما ذكر): الحائض والنفساء والجنب، فلا يصح اعتكافهم؛ لحرمة المكث في المسجد عليهم.