الرابع: اللبث في المسجد ولو متردداً قدر ما يسمى عكوفاً؛ أي: إقامة؛ لإشعار لفظه به، وذلك بأن يزيد على قدر طمأنينة الصلاة، فلا يكفي مجرد عبوره، ولا أقل ما يكفي في طمأنينة الصلاة. وقول الناظم:(ثوى) بالمثلثة؛ أي: أقام، يقال: ثوى يثوى؛ مثل: مضى يمضي.
[استحباب كون الاعتكاف يوماً كاملاً]
الثالثة: يسن أن يكون الاعتكاف يوماً كاملاً؛ خروجاً من الخلاف، فإن من قال: إن الصوم في الاعتكاف شرط .. لا يصح عنده اعتكاف أقل من يوم.
[فضيلة الاعتكاف في المسجد الجامع على غيره]
الرابعة: الجامع أفضل للاعتكاف من بقية المساجد؛ للخروج من الخلاف، ولكثرة الجماعة، وللاستغناء عن الخروج للجمعة، بل يتعين فيما لو نذر اعتكاف مدة متابعة تخللها جمعة وهو من أهلها؛ لأن الخروج لها يقطع التتابع.
[فضيلة الاعتكاف صائماً]
الخامسة: الاعتكاف بالصيام أفضل منه بدونه؛ خروجاً من خلاف من شرط فيه الصوم. وقول الناظم:(إن نوى) يصح كون (إن) فيه شرطية ومصدرية؛ أي: بأن نوى، وقوله:(بالمسجد) متعلق بقوله: (ثوى) بمعنى: أقام، وقوله:(المسلم) فاعل (نوى) أي: إنما يصح الاعتكاف إن نواه المسلم بعد أن أقام في المسجد ولو لحظة.
[لو نذر اعتكاف مدة متتابعة]
إذا نذر مدة متتابعة؛ كأن قال:(لله على اعتكاف عشرة أيام متتابعة)، أو (شهر متتابع) .. لزمه التتابع؛ لأنه وصف مقصود فيلزمه فيها، وفي مدة الأيام يلزمه اعتكاف الليالي المتخللة بينها في الأرجح. والصحيح: أنه لا يجب التتابع بلا شرط، ويفارق ما لو حلف لا يكلم فلاناً شهراً؛ بأن مقصود اليمين الهجران، ولا يتحقق بدون التتابع. وعلى الأول: لو نوى التتابع ولم يتلفظ به .. لا يلزمه في الأصح؛ كما لو نذر أصل الاعتكاف بقلبه، واختار السبكي اللزوم، وصوبه في «المهمات».