ولو شرط التفرق .. خرج عن العهدة بالتتابع في الأصح؛ لأنه أفضل. والأصح: أنه لو نذر يوماً .. لم يجز تفريق ساعاته على الأيام؛ لأن المفهوم من لفظ (اليوم) المتصل، وقد حكي الخليل أن اليوم اسم لما بين طلوع الفجر وغروب الشمس. والأصح: أنه لو نذر مدة ونذر تتابعها وفاتته .. لزمته التتابع في قضائها، وإذا ذكر التتابع وشرط الخروج لعارض مباح مقصود غير مناف .. صح الشرط في الأظهر، فإن عين العارض .. خرج لما عينه دون غيره وإن كان أهم، وإن أطلق فقال:(لا أخرج إلا لعارض أو شغل) .. خرج لكل شغل ديني كالعبادة، أو دنيوي مباح كلقاء السلطان، وليست النزهة من الشغل. وفي «زوائد الروضة» عن الروياني عن الأصحاب: أنه لو نذر اعتكافاً وقال: (إن اخترت .. جامعت)، أو (إن اتفق لي جماع) .. لم ينعقد نذره. انتهى. ويلزمه العود بعد قضاء الشغل، والزمان المصروف إلى العارض لا يجب تداركه إن عين المدة كهذا الشهر؛ لأن النذر في الحقيقة لما عداه، وإلا .. فيجب تداركه؛ لتتم المدة، وتكون فائدة الشرط تنزيل ذلك العارض منزلة قضاء الحاجة في أن التتابع لا ينقطع به.
[مبطلات الاعتكاف المتتابع]
ثم ذكر ما يبطل الاعتكاف المتتابع فقال:
(وأبطلوا إن نذر التوالي ... بالوطء واللمس مع الإنزال)
(لا بخروج منه بالنسيان ... أو لقضاء حاجة الإنسان)
(أو مرض شق مع المقام ... والحيض والغسل من احتلام)
(والأكل والشرب أو الأذان ... من راتب والخوف من سلطان)
أي: وأبطل علماؤنا الاعتكاف -إن نذر تواليه- بالوطء وإن لم ينزل؛ أي: إذا كان ذكراً له عاملاً بتحريم الجماع فيه مختارا، سواء أجامع في المسجد أم عند الخروج منه لقضاء الحاجة؛ لانسحاب حكم الاعتكاف عليه حينئذ، وبالمباشرة بشهوة؛ كالوطء فيما دون الفرج واللمس والقبلة مع الإنزال؛ لزوال الأهلية بمحرم كالصوم، فإن لم ينزل، أو أنزل بنظر أو فكر، أو لمس بلا شهوة أو احتلام .. لم يبطل اعتكافه.