ومحل ذلك: في الواضح، أما المشكل .. فلا يضره وطؤه وإمناؤه بأحد فرجيه؛ لاحتمال زيادته كما في الصوم، وبالخروج من المسجد بلا عذر وإن قل زمنه؛ لمنافاته اللبث، وهذا في العامد العالم المختار. ولا يضر إخراج بعض الأعضاء؛ كرأسه أو يده، أو إحدى رجليه أو كلتيهما وهو قاعد ماد لهما؛ لأنه لا يسمى خارجاً، وفي «الصحيحين»: (أنه (صلى الله عليه وسلم) كان يدني رأسه الشريف إلى عائشة فترجله وهو معتكف في المسجد). قال البغوي في «فتاويه» فيما إذا أخرج إحدى رجليه: إنا نراعي التي اعتمد عليها؛ أي: جعل ثقله عليها، بحيث لو زالت .. لسقط، قال الإسنوي: وهو الصواب، قال: وسكت عما لو اعتمد عليهما على السواء، وفيه نظر. انتهى، وقضية كلامهم: أنه لا يضر، وهو ظاهر. ولا ينقطع التتابع بخروج المعتكف من المسجد ناسياً للاعتكاف وإن طال زمن خروجه لعذر؛ لخبر:«رفع عن أمتي الخطأ والنسيان»، وكما لا ينقطع التتابع بالجماع ناسياً، وكما لا يبطل الصوم بالأكل ناسياً، ولا بخروجه منه لقضاء حاجته من بول أو غائط؛ لأنه لا بد منه فكأنه استثناه، ولا يضر بعد داره عن المسجد، إلا أن يفحش بعدها منه .. فيضر في الأصح؛ لأنه قد يأتيه البول إلى أن يرجع فيبقى طوال يومه في الذهاب والرجوع، ويستثنى ما إذا لم يجد في طريقه موضعاً لقضاء الحاجة، أو كان لا يليق بحاله أن يدخل لقضائها غير داره .. فإنه لا ينقطع حينئذ، ولا يكلف فعلها في سقاية المسجد؛ لما فيه من خرم المروءة، ولا بدار صديقه بجوار المسجد؛ للمنة. قال الأذرعي: والظاهر: أن من لا يحتشم من السقاية .. لا تجوز له مجاوزتها إلى منزله. ولو كان له منزلان لم يفحش بعدهما .. تعين الأقرب منهما؛ لاغتنائه به عن الأبعد. ولو عاد مريضاً، أو صلى على جنازة في طريقه لقضاء الحاجة .. لم يقطع ما لم يطل وقوفه، أو يعدل عن طريقه.