ولو كثر خروجه لقضاء الحاجة لعارض يقتضيه .. لم يقطع التتابع؛ نظراً إلى جنسه، ولا يكلف في الخروج لها الإسراع، بل يمشي على سجيته المعهودة، وإذا فرغ منها واستنجى .. فله أن يتوضأ خارج المسجد؛ لأنه يقع تابعاً لها، بخلاف ما لو خرج له مع إمكانه في المسجد .. فإنه يقطع في الأصح. ولا ينقطع التتابع بالخروج لمرض شق معه المقام بضم الميم؛ أي: الإقامة في المسجد، سواء أكان ذلك لحاجة إلى الفراش والخادم وتردد الطبيب أم لخوف تلويث المسجد منه؛ كالإسهال وإدرار البول، بخلاف الحمى الخفيفة والصداع ونحوهما، وفي معنى المرض: الجنون والإغماء اللذان يشق معهما المقام فيه. ولا ينقطع التتابع بخروج المرأة للحيض؛ أي: إن طالت مدة الاعتكاف؛ بأن كانت لا تخلو عنه غالباً كشهر؛ لكونها معذورة، فتبني على المدة الماضية إذا طهرت؛ كما لو حاضت في صوم الشهرين عن الكفارة، فإن كانت بحيث تخلو عنه .. انقطع في الأظهر؛ لأنها بسبيل من أن تشرع في الاعتكاف عقب طهرها فتأتي به زمن الطهر، والنفاس في حكم الحيض، وفي حكمهما كل ما لا يمكن معه اللبث في المسجد من النجاسات؛ كالدم والقيح. ولا ينقطع التتابع للاغتسال من الاحتلام وإن أمكن اغتساله في المسجد؛ لأن الخروج أقرب إلى المروءة وإلى صيانة المسجد لحرمته، ويلزمه أن يبادر به كي لا يبطل تتابع اعتكافه. ولا ينقطع التتابع بالخروج للأكل؛ لأنه يستحيا منه في المسجد، ولا للشرب عند العطش ولم يجد الماء في المسجد أو لم يمكنه الشرب فيه، فإن أمكنه الشرب فيه .. لم يجز الخروج له، فإن خرج له .. انقطع التتابع؛ لأنه لا يستحيا منه فيه، ولا يخل بالمروءة. ولا ينقطع التتابع بخروج المؤذن الراتب للأذان؛ أي: بمنارة المسجد المنفصلة عنه وعن رحبة قريبة منهما؛ لإلفه صعودها للأذان، وإلف الناس صوته، بخلاف خروج غير الراتب للأذان، وخروج الراتب لغير الأذان، أو للأذان لكن بمنارة ليست للمسجد، أو له لكن بعيدة عنه وعن رحبته، أما التي بابها في المسجد أو في رحبته .. فلا يضر صعودها للأذان، ولا لغيره كسطح المسجد، وسواء أكانت في نفس المسجد أم الرحبة، أم خارجة عن سمت البناء وتربيعه.