ماجه والبيهقي وغيرهما بأسانيد صحيحة عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله؛ هل على النساء جهاد؟ قال:«جهاد لا قتال فيه؛ الحج والعمرة». ولما روي البيهقي بإسناد موجود في «صحيح مسلم» في حديث السؤال عن الإيمان والإسلام والإحسان: «أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت وتعتمر، وتغتسل من الجنابة، وتتم الوضوء، وتصوم رمضان»، وروى الدارقطني هذا اللفظ بحروفه ثم قال: هذا إسناد صحيح ثابت. ولما روى الترمذي وصححه: أن أبا رزين لقيط بن عامر الطفيلي أتى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله؛ إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن، قال:«حج عن أبيك واعتمر». ولا يغني عنها الحج وإن اشتمل عليها، ويفارق الغسل حيث يغني عن الوضوء؛ بأن الغسل أصل فأغنى عن بدله، والحج والعمرة أصلان. وأما خبر الترمذي عن جابر: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) سئل عن العمرة أواجبة هي؟ قال:«لا، وأن تعتمر .. فهو أفضل» .. فأجيب عنه بضعفه، قال في «المجموع»: اتفق الحفاظ على ضعفه، ولا يغتر بقول الترمذي فيه: حسن صحيح. ووجوبهما على التراخي؛ لأن الحج فرض سنة خمس؛ كما جزم به الرافعي هنا، أو سنة ست؛ كما صححه في (السير)، وتبعه عليه في «الروضة»، ونقله في «المجموع» عن الأصحاب، وأخره (صلى الله عليه وسلم) إلى سنة عشر بلا مانع، وقيس به العمرة، وتضيقهما بنذر أو بخوف عضب، أو بقضاء لزمه عارض، ثم جواز التأخير في هذين وفي كل واجب موسع مشروط بالعزم على الفعل في المستقبل.