[التعرض للصيد]
قوله: (وحرم لمحرم ومن يحل الحرما تعرض للصيد) أي: وحرم على محرم ولو خارج الحرم وحده أو مع الصيد, وعلى الحلال بالحرم ولو غير محرم, أو كان الصيد بالحل كعكسه المفهوم بالأولى. تعرض الصيد؛ أي: منه ولو بتنفير, أو إعارة آلة, أو نصب شبكة, أو وضع يد بشراء, أو عارية أو وديعة, أو غيرها إلى كل صيد مأكول بري, أو متولد منه ومن غيره من طير أو دابة؛ لقوله تعالى: {وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} أي: أخذه, وقوله تعالى: {يأيها الذين ءامنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} , وخبر "الصحيحين": أنه صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة: "إن هذا البلد حرام بحرمة الله تعالى؛ لا يعضد شجره, ولا ينفر صيده" أي: لا يجوز تنفير صيده لا لمحرم ولا حلال, فغير التنفير أولى, وقيس بمكة باقي الحرم.
وخرج بـ (البري): البحري؛ وهو مالا يعيش إلا في البحر, يحرم التعرض له وإن كان البحر في الحرم, قال تعالى: {أحل لكم صيد البحر} , وما يعيش في البر والبحر بري؛ تغليباً للحرمة. وبـ (المأكول) وما عطف عليه: ما لا يؤكل, وما لا يكون في أصله ما ذكر, فمنه: ما هو مؤذ فيستجيب قتله للمحرم وغيره؛ كنمر ونسر وبق وبرغوث, لو ظهر على المحرم قمل .. لم تكره تنحيته, ولا شيء في قتله, ويكره أن يفلي رأسه ولحيته, فإن قتل منهما قملة .. تصدق ولو بلقمة ندباً, وكالقمل الصيبان وهو بيضه, لكن فديته أقل. ومنه: ما ينفع ويضر؛ كفهد وصقر وباز .. فلا يستحب قتله؛ لنفعه وهو تعلمه الاصطياد, ولا يكره؛ لضرره وهو عدوه على الناس والبهائم. ومنه: ما لا يظهر فيه نفع ولا ضرر؛ كسرطان ورحمة وجعلان وخنافس .. فيكره قتله, ويحرم قتل النحل والنمل السليماني والخطاف والهدهد والصرد, ولا فرق بين المستأنس وغيره, ولا بين المملوك وغيره, ولو توحش إنسي .. لم يحرم التعرض له. وشمل كلامه: التعرض لجزء البري المذكور؛ وكلبنه وشعره وريشه بقطع أو غيره, فإن حصل مع تعرضه للبن نقص في الصيد .. ضمنه.