وعن العراقيين, وصححه الجرجاني والروياني وابن الصباغ, وقال الإسنوي بعد نقله ذلك فلتكن الفتوى عليه, واختاره السبكي وغيره, وهذا كله إذا لم يذكر بعده لفظ السلم, فإن قال: (بعتك سلماً) , أو (اشتريته سلماً) .. فسلم؛ كما جزم به الشيخان في تفريق الصفقة. قوله: (حلولاً أو مؤجلاً) أي: كون المسلم فيه ديناً حالاً؛ بأن شرط حلوله في العقد, أو أطلق مؤجلاً بأجل معلوم؛ لقوله تعالى: {إلى أجل مسمى} , وقوله صلى الله عليه وسلم: "من أسلف في شيء .. فليسلف في كيل معلوم, ووزن معلوم, إلى أجل معلوم", وإذا جاز السلم مؤجلاً .. فالحال أولى؛ عن الغرر. وفائدة العدول عن البيع إلى السلم الحال: رخص السعر, وجواز العقد مع غيبة المبيع, والأمن من الانفساخ, إذ هو متعلق بالذمة. وخرج بقوله: (بأجل يعلم) تأجيله بالميسرة والحصاد وقدوم ونحوها, فلا يصح؛ للآية والخبر السابقين, وما روي من أنه صلى الله عليه وسلم: (اشترى من يهودي شيئاً إلى ميسرته) .. فمحمول-إن صح - على زمن معلوم عندهم, فإن عين شهور العرب أو الفرس أو الروم .. جاز؛ لأنها معلومة مضبوطة, وإن أطلق الشهر .. حمل على الهلالي؛ لأنه عرف الشرع, وذلك بأن يقع العقد أوله, فإن انكسر شهر؛ بأن وقع العقد في أثنائه, وأجل بأشهر .. حسب الباقي بعد الأول المنكسر بالأهلة, وتمم الأول ثلاثين مما بعدها, ولا يلغي المنكسر؛ لئلا يتأخر ابتداء الأجل عن العقد. نعم؛ لو عقد في اليوم الأخير من الشهر .. اكتفي بالأشهر الهلالية بعده, ولا يتمم اليوم مما بعدها, فإنها عربية كوامل, فإن تم الأخير منها .. لم يشترط انسلاخه, بل يتمم منه المنكسر ثلاثين, ذكره المتولي, ولو أجل على شهر ربيع, أو إلى أوله .. صح, بخلاف قوله: (يحل فيه) فإنه لا يصح؛ لأنه جعله ظرفاً, فكأنه قال: محله جزء من أجزائه, وذلك مجهول, والأصح: صحة تأجيله بالعيد وجمادى وربيع والنفر, ويحمل على ما ولي العقد من العيدين وجماديين والربيعيين والنفرين؛ لتحقق الاسم به.
رابعها: كون المسلم فيه مما يعم وجوده, ويؤمن عدمه عند حلوله؛ ليقدر على تسليمه عند وجوب التسليم, وهو في السلم الحال بالعقد, وفي المؤجل بحلول الأجل؛ فلو أسلم فيما يندر وجوده؛ كلحم الصيد بموضع العزة, أو فيما لو استقصى وصفه عز وجوده كاللؤلؤ الكبار