للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأصل في ذلك: ما روى الدارقطني والحاكم - وقال: صحيح الإسناد - عن كعب بن مالك: (أنه صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ في ماله، وباعه في دين كان عليه).

وحجر القاضي يكون بسؤال الغرماء أو بعضهم ودينه قدر بحجر به، أو بسؤاله المفلس، وله الحجر من غير سؤال إذا كان الدين لصبي أو مجنون أو سفيه، وإذا وجدت الشروط .. وجب على الحكام الحجر، ولا تحل الديون بالحجر، ولا بالجنون.

وخرج بقوله: (قد زاد دينه على أمواله): من زاد ماله على دينه أو استويا .. فإنه لا يحجر عليه وإن لم يكن كسوباً وكانت نفقته من ماله في الأصح، ويستحب للقاضي أن يشهد على حجره؛ ليحذر الناس معاملته.

قوله: (لا ذمة) أ]: يبطل تصرفه بعد الحجر في عين ماله، لا تصرفه الكائن في ذمته فإنه لا يبطل؛ إذ لا حجر عليه فيها، ولا ضرر فيه على الغرماء، فلو باع سلماً، أو اشترى في الذمة .. فالصحيح: صحته، ويثبت المبيع والثمن في ذمته، والصحيح: تعدي الحجر إلى ما حدث بعده، ولا يمنع من إقرار بعين مطلقاً، أو دين أسنده إلى ما قبل الحجر، وإن أطلق .. روجع، فإن تعذرت مراجعته .. فكالإسناد إلى ما بعد الحجر، فلا يقبل إلا إذا أسنده لإتلاف أو جناية.

وإن نكل المفلس، أو وارثه عن اليمين المردودة، أو عن يمين مع الشاهد .. لم يحلف غريم المفلس، ثم القاضي يبيع مال المفلس، أو يكرهه على البيع، وكذا المديون الممتنع من أداء ما عليه، ويستحب أن يكون ذلك بحضور المفلس ومستحقي الدين، ويقدم بيع ما يخاف فساده، ثم ما تعلق بعينه دين، ثم الحيوان، ثم المنقول، ثم العقار، ويباع مسكنه وخادمه وإن احتاج إليهما، وكذا مركوبه، ويبيع كل شيء في سوقه، فلو باع في غيره بثمن المثل من نقد البلد .. صح، ويقسم الأثمان بين الغرماء بنسبة ديونهم الحالة من غير طلب بينة الحصار، وإن ظهر دين بعد القسمة .. رجع صاحبه بما يخص دينه، ولو ظهر ما باعه القاضي مستحقاً .. رجع المشتري بكل الثمن في مال المفلس.

وينفق القاضي على المفلس، وعلى من عليه مؤنته من زوجة سابقة للحجر، وقريب وإن حدث بعد الحجر نفقة المعسرين إلى الفراغ من بيع ماله، ويكسوهم بالمعروف إن لم يكن له كسب يفي بذلك، ويترك له دست ثوب يليق به، ولمن تلزمه مؤنثه وسكنى، ونفقة يوم القسمة، ويؤجر القاضي الموقوف عليه، وأم ولده، ويصرف الأجرة على الغرماء.

<<  <   >  >>