على بعضه عيناً كان أو ديناً، أو على غيره؛ إذ لا يمكن تصحيح التمليك مع الإنكار؛ لاستلزامه أن يملك المدعي ما لا يملكه، ويتملك المدعى عليه ما يمكله، وسواء أصالح عن المدعى به أم عن الدعوى.
فلو قال المنكر:(صالحني عن دعواك على كذا) .. لم يصح، بل الصلح عن الدعوى لا يصح مع الإقرار أيضاً؛ لأن الدعوى لا يعتاض عنها ولا يبرأ منها.
ولو أقام المدعي بينة بعد الإنكار .. صح الصلح؛ لثبوت الحق بها كثبوته بالإقرار، قاله الماوردي، ووافقه الغزالي بعد القضاء بالملك، واستشكله قبله؛ بأن له سبيلاً إلى الطعن، قال الماوردي: ولو أنكر فصولح ثم أقر .. فالصلح باطل.
ولو ادعى عليه عيناً فقال: رددتها إليك ثم صالحه، قال البغوي: إن كانت في يده أمانة .. لم يصح الصلح؛ لأن القول قوله فيكون صلحاً على إنكار، وإن كانت مضمونة .. فقوله في الرد غير مقبول، وقد أقر بالضمان، فيصح الصلح، ويحتمل بطلانه؛ فإنه لم يقر أن عليه شيئاً.
نعم؛ إذا قال أجنبي:(إن المدعى ليه أقر عندي سراً ووكلني في مصالحتك) فصالحه .. صح؛ لأن قول الإنسان في دعوى الوكالة مقبول في المعاملات.
ومحله كما قال الإمام والغزالي: إذا لم يعد المدعى عليه الإنكار بعد دعوى الوكالة، فلو أعاده .. كان عزلاً، فلا يصح الصلح عنه، ولو قال:(هو منكر، ولكنه مبطل في إنكاره؛ فصالحني له لتقطع الخصونى بينكما) فصالحه .. صح إن كان المدعى به ديناً لا عيناً، وإن قال:(فصالحني لنفسي): فإن كان المدعى به ديناً .. لم يصح، وإن كان عيناً .. فهو شراء مغصوب؛ إن قدر على انتزاعه .. صح، وإلا .. فلا.
[الصلح عن المدعى به ببعضه في العين أو الدين]
قوله:(وهو) أي: الصلح عما يدعى به ببعض المدعى به في العين؛ كأن صالح من دار على بعضها .. هبة للبعض الآخر؛ لصدق الهبة عليه، قيثبت فيها ما يثبت من الإيجاب والقبول والرفض بالإذن، أو مضي زمن إمكانه، ويصح بلفظ الهبة أيضاً.