ولو صالح من عشرة مؤجلة على خمسة حالة .. لم يصح؛ لأن صفة الحلول لا يصح إلحاقها، والخمسة إنما تركها في مقابلة ذلك، فإذا انتفى الحلول .. انتفى الترك.
[الصلح على حق المرور ووضع الجذع]
قوله:(وأجز في الشرع على ووضع الجذع) أي: وأجز أنت الصلح بمال على مروره في درب مثلاً منع أهله استطراق من ليس له فيه حق؛ لأنه انتفاع بالأرض، ثم إن قدر مدة .. فهو إجارة، وإن طلق أو شرط التأييد .. فهو بيع لجزء شائع من الدرب؛ تنزيلاً للمصالح منزلة أحدهم؛ كما لو صالح على إجراء نهر في أوضه .. ويكون ذلك تمليكاً للنهر.
ويجوز الصلح بمال على وضع الجذع - بإعجام الذال - على جدار بين دارين يختص به أحد المالكين، أو يكون مشتركاً ولا يجبر عليه؛ لما روى البيهقي من قوله صلى الله عليه وسلم "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس"، فلو رضي بالوضع بلا عوض .. فهو إعارة يرجع فيها قبل الوضع وبعده كسائر العواري، أو بعوض على مدة معلومة .. فهو إجازة، وإن أذن فيه لفظ البيع أو الصلح وبين والثمن .. فالأصح: أن هذا العقد فيه شوب بيع وإجازة؛ لكونه على منفعة، لكنها مؤبدة للضرورة.
[حكم إشراع الجناح]
ويجوز إشراع جناح؛ أي: خشب خارج، وكذا ساباط: وهو سقيفة على حائطين هو بينهما، عال؛ بحيث يمر المار تحته منتصباً وعلى رأسه الحمولة العالية، سواء أكان الشارع واسعاً أضيقاً، وإن كان ممر الفرسان والقوافل .. اعتبر أيضاً أن يمر تحته المحمل على البعير مع أخشاب المظلة؛ لأن ذلك وإن ندر قد يتفق لمسلم، فلا يجوز الإشراع للكافر في نافذ - فإعجام الذال - من سبل؛ أي: طرق، أما غير النافذ .. فلا يجوز ذلك فيه إلا بإذن أهله لم يؤذ من مر، فإن آذاه ولو بإظلام الموضع .. لم يجز، وللحاكم إزالته، ولا يجوز الصلح على ذلك بمال وإن كان المصالح هو الإمام، ولم يضر المارة؛ لأن الهواء لا يفرد بالعقد وإنما يتبع القرار، وما لا يضر في الشارع .. يستحق الإنسان فعله فيه من غير عوض كالمرور.
واحترظ بـ (الجناح) أي: وما في معتاه من التصرف عن غيره؛ كبناء دكة أو غرس شجرة، فإن ذلك لا يجوز وإن لم يضر؛ لأن شغل المكان بما ذكر مانع من الطروق، وقد تزدحم المارة فيصطكون به.