الأولى: أنه لا يصح التطهير بماء مطلقٍ حلته؛ أي: حلت فيه عين نجاسة والحال أنه دون القلتين وإن كان جارياً ولم تغيره لتنجسه بها؛ لخبر مسلم:"إذا استيقظ أحدكم من نومه .. فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً؛ فإنه لا يدري أين باتت يده"، نهاه عن الغمس خشية النجاسة، ومعلوم أنها إذا خفيت .. لا تغير الماء، فلولا أنها تنجسه بوصولها .. لم ينهه، ولمفهوم خبر أبي داود وغيره، وقال النووي: إنه حسن، والحاكم: إنه صحيح على شرط الشيخين: "إذا بلغ الماء قلتين .. لم يحمل خبثاً"، وفي روايةٍ صحيحةٍ كما قال البيهقي:"لم ينجس"، فمعنى (لم يحمل خبثاً): لم يقبله؛ لهذه الرواية.
وخرج بـ (الماء): غيره من المائع وإن كثر، ومن الجامد بتوسط رطوبة .. فإنه ينجس، وفارق كثير الماء كثير غيره بأن كثيرة قوي ويشق حفظه من النجس، بخلاف غيره وإن كثر، فإن بلغ ما تنجس بالملاقاة قلتين بماء ولو طاهراً أو متنجساً .. فهو طهور، وفي بعض النسخ:(وهو دون القلتين).
ووصف المصنف الماء بكونه مطلقاً قبل حلولها فيه؛ ليفيد تنجس الماء الطاهر غير الطهور بحلولها فيه بطريق الأولى.
[ما يستثنى من تنجس الماء القليل بوقوع النجاسة فيه]
والثانية: أمر المصنف المخاطب بأن يستثنى من تنجس الماء القليل بحلول النجاسة فيه مسألتين:
الأولى: الميت الذي لا يسيل دمه عند شق جزء منه في الحياة؛ كذباب ونمل ونحل وعقرب وبق وقمل وبرغوث ووزغ، لا حية وضفدع .. فلا ينجس ما حل فيه وإن قل؛ أي: إن لم يطرح فيه ميتاً ولم يغيره كما يفيده كلامه؛ وذلك لخبر البخاري:"إذا وقع الذباب في شراب أحدكم .. فليغمسه كله؛ فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء"، زاد أبو داود: "وإنه