وهذه الشركة هي المرادة هنا، والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى:(واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه)، وخبر:"يقول الله تعالى: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه .. خرجت من بينهما" رواه أبو داوود والحاكم، وصحح إسناده، ومعنى "أنا ثالث الشريكين": أنا معهما بالحفظ والإعانة، فأمدهما بالمعونة في أموالهما وإنزال البركة في تجارتهما، فإذا وقعت بينهما الخيانة .. رفعت البركة والإعانة عنهما؛ وهو معنى "خرجت من بينهما".
ولها أربعة أركان: عاقد، ومعقود عليه، وصيغة، وعمل، وقد أشار إليها بقوله:
(تصح ممن جوزوا تصرفه .. واتحد المالان جنساً وصفه)
(من نقد أو غير، وخلط ينتفي ... تمييزه، بالإذن في التصرف)
(والربح والخسر اعتبر تقسيمه ... بقدر مال شركة بالقيمة)
أحدها: أن يكون كل منهما جائز التصرف؛ بأن يكون أهلاً للتوكيل والتوكل؛ لأن كل منهما يتصرف في ماله بالملك، وفي مال الآخر بالإذن، فكل منهما موكل ووكيل، ولو كان أحد الشريكين هو المتصرف .. اشترط فيه أهلية التوكيل، وفي الآخر أهلية التوكيل فقط، حتى يجوز كزن الثاني أعمر؛ كما قاله في "المطلب".
وتكره مشاركة الكافر، ومن لا يجوز من الربا ونحوه، وقال الأذرعي: هذا إن شارك لنفسه، فإن شارك لمحجوره .. فلا بد أن يكون الشريك ممكن يجوز إبداع مال المحجور عنده.
ثانيها: اتحاد المالين جنساً وصفة من نقد، أو غيره من المثليات ولو دارهم مغشوشة.
ثالثها: خلط المالين؛ بحيث لا يتميز مال أحدهما عن مال الآخر عند العقد، فلو عقدا من غير خلط، أو معه مع إمكان التمييز .. لم يصح العقد، حتى لو تلف مال أحدهما قبل التصرف .. تلف على ملكه.