قال الإسنوي: ويفارق هذا جواز إجارتها، والوصية بمنفعتها له على ما دل عليه عموم كلامهم: بأن المستأجر والموصى له يملكان المنفعة، فيعيران ويؤجران لمن يخلو بها إن امتنع عليهما الانتفاع بأنسفهما، والإعارة إباحة له فقط، وإذا لم يستبح بنفسه .. لم يكن لها فائدة، أما إعارتها من محرم بنسب أو غيره .. فصحيحة، وكذا إعارتها من امرأة وممسوح وزوجها ومالكها؛ كأن يستعيرها من مستأجرها أو الموصى له بمنفعتها.
فإن كانت صغيرة لا تشتهي أو قبيحة .. فوجهان، أصحهما في "الروضة": الجواز: ورجح في "الشرح الصغير": المنع فيهما، وقال في "المهمات": الصواب: التفرقة، فتجوز في الصغيرة بخلاف الكبيرة.
قال الإسنوي: وسكتوا عن إعارة العبد للمرأة، وهو كعكسه بلا شك.
ولو كان المستعير أو المستعار خنثى .. امتنعت احتياطاً، والمفهوم من الامتناع فيه وفي الأمة: الفساد، وهو ما اقتضاه كلامهم وبحثه الرافعي بعد نقله عن الغززال الصحة، وبها جزم ابن الرفعة وعللها بأن المنع في ذلك لغيره؛ كالبيع وقت النداء، وجعل فائدة الصحة عدم وجوب الأجرة.
ويكره تنزيهاً إعارة الأصل وإن علا من رفعه للخدمة .. فيكره له قبولها، كما يكره له استئجاره لها؛ لأن استخدامه مكروه.
نعم؛ إن قصد باستعارته لذلك ترفهه .. فلا كراهة فيها، بل هي مستحبة؛ كما قاله القاضي أبو الطيب وغيره، وتكره إعارة عبد مسلم لكافر.
وقد تجوز إعارة ما لا تجوز إجارته كالفحل للضراب، والكلب للصيد، وللمستعير الانتفاع بحسب الإذن، فإن أعاره لزراعة حنطة .. زرعها ومثلها ودونها إن لم ينهه، لا ما فوقها، وحيث زرع ما ليس له .. فللمعير قلعه مجاناً، فلو أطلق الزراعة .. صح في الأصح، ويزرع ما شاء.
ولو أعاره لزراعة .. لم يكن له بناء ولا غراس، أو لأحدهما .. فله الزراعة وليس له الأخرى في الأصح، وإذا صلح المستعار لجهتين فأكثر .. شرط تعيين المنفعة على الصحيح، وإلا .. فلا.
نعم؛ لو قال:(أعرتك لتنتفع به كيف شئت)، أو (لتفعل به ما بدا لك) .. جاز.