كما أشار إليه البيهقي، واختاره السبكي، وأما إيجار عمر أرض السواد بأجرة مجهولة .. فلما فيه من المصلحة العامة المؤبدة.
ولو أجر داراً بعمارتها، أو دابة بعلفها، أو أرضاً بخراجها ومؤنتها، أو بدراهم معلومة على أن يعمرها من عنده، أو على أن يصرفها في العمارة .. لم تصح؛ للجهالة، ولأن العمل في الصرف مجهول، ويرجع بها إن صرفها، فلو أطلق العقد ثم أذن له في الصرف .. جاز كما جزم به الشيخان، قال ابن الرفعة: ولم يخرجوه على اتحاد القابض والمقبض؛ لوقوعه ضمناً، فإن اختلفا في قدر ما أنفق .. ففي المصدق منهما وجهان، أشبههما في "الأنوار": المتفق إن ادعى محتملاً، ولا يجوز جعل الأجرة شيئاً يحصل بعمل الأجير، فلو استأجره ليسلخ بالجلد، أو يطحن ببعض الدقيق أو بالنخالة، أو لترضع رقيقاً ببعضه بعد الفطام، أو ليقطف الثمر بجزء منه بعد القطاف، أو لينسج الثوب بنصفه .. فسد، وله أجرة مثله.
[شروط المنفعة]
وأما المنفعة .. فلها شروط:
الأول: أن تكون محضة مع بقاء العين؛ بألا تتضمن الإجارة استيفاء عين قصداً، ولا استهلاكها؛ إذ هي عقد يراد به المنافع دون الأعيان، فلو استأجر بستاناً لثماره، أو شاة لنتاج أو صوف أو لبن، أو شمعاً للإيقاد له، أو طعاماً للأكل .. لم تصح؛ لما علم من أن الأعيان لا تملك بالإجارة، وقد تستحق بها الأعيان؛ تبعاً للضرورة أو الحاجة؛ كاستئجار بئر أو قناة للانتفاع بمائها؛ لتعذر بيعه، واستئجار المرأة للإرضاع مطلقاً يتضمن استيفاء اللين والحضانة الصغرى؛ وهي: وضع الطفل في الحجر، وإلقامه الثدي، وعصره له بقدر الحاجة.
والأصح: أن الأصل الذي يتناوله العقد فيما ذكر فعلها، واللبن تابع لا عكسه؛ لتعلق الأجرة في الآية بفعل الإرضاع لا باللبن، ولأن الإجارة موضوعة لاستحقاق المنافع، فإذا استحقت عين لضرورة .. فهي تابعة؛ كالبئر تستأجر ليستقى ماؤها، والدار تستأجر وفيها بئر ماء يجوز الاستيفاء منها.