وخرج بقوله:(لملك): التقاطه للحفظ، فيجوز وإن لم يكن الملتقط قاضياً؛ لئلا يأخذه خائن فيضيع، وبقوله:(من المخوف): التقاطه من بلد أو قرية، أو موضع قريب منها، فيجوز للتملك؛ لئلا يضيع بامتداد اليد الخائنة إليه، ولا يجد ما يكيفه، بخلاف المفازة، فإن طروق الناس بها لا يعم.
ولو وجد في زمن نهب وفساد .. جاز التقاطه للتملك في المفازة والعمران، بل الذي لا يحتمي؛ أي: لا يمتنع منها؛ أي: من صغار السباع؛ كشاة وعجل، وفصيل، وكسير من إبل أو خيل .. يجوز التقاطه للتملك في العمران والمفازة؛ صيانة له عن الخونة والسباع.
وخيره؛ أ]: ملتقطة من مفازة بين أخذه وإمساكه عنده متبرعاً بالعلف؛ أي: بفتح اللام، فإن لم يتبرع به .. استأذن القاضي ليأذن له بالسلف أي: في الإنفاق عليه بالسلف منه أو من غيره؛ ليرجع به على مالكه، فإن لم يجد حاكماً .. أشهد، أو باعها؛ أي: اللقطة استقلالا إن لم يجد حاكماً، وبإذنه في الأصح إن وجده، وحفظ ثمنها وعرفها، ثم تملكه، وخيره بين أكلها متملكاً لها ملتزماً ضمانها؛ بأن يغرم قيمتها إن ظهر مالكها.
ولا يجب بعد أكلها تعريفها في الظاهر للإمام من الوجهين؛ لما مر، والخصلة الأولى أولى من الثانية، والثانية أولى من الثالثة، ولم يجب عليه إن أكلها إفراز ثمنها؛ لأن ما في الذمة لا يخشى هلاكه، فإن أفرزه ... كان أمانة تحت يده.
والملتقط من العمران فيه تخيير في الخصلتين الأوليين بضم الهمزة؛ وهما: أخذها وإمساكها مع العلف، أو بيعها وحفظ ثمنها فقط، دون الخصلة الثالثة وهي أكلها، فلا يجوز، بخلاف المفازة؛ لأنه قد لا يجد فيها من يشتري بخلاف العمران، ويشق النقل إليه.
ولو كان الحيوان غير مأكول كالجحش .. ففيه الخصلتان الأوليان، ولا يجوزز تملكه في الحال في الأصح.
وقول الناظم:(وإن يرد) بالياء المثناة التحتية؛ أي: الملتقط، فقوله:(عرفا) فعل ماض، وألفه للإطلاق، أو بتاء الخطاب للملتقط، فقوله:(عرفا) فعل أمر، وألفه بدل من نون التوكيد، وفي قوله:(وليتملك إن يرد) الوجهان، وكسر ميم (يدم) للوزن، و (يطعم) بفتح الياء والعين، والألف في (الأثمانا) للإطلاق.