ولو علق بنفي فعل .. فالمذهب: أنه إن علق بإن؛ كـ (إن لم تدخلي الدار .. فأنت طالق) .. وقع عند اليأس من الدخول, أو بغيرها؛ كإذا .. فعند مضي زمن يمكن فيه ذلك الفعل من وقت التعليق ولم يفعل يقع الطلاق.
ولو قال: (أنت طالق أن دخلت الدار وأن لم تدخلي) بفتح (أن) .. وقع في الحال؛ لأن المعنى للدخول أو لعدمه بتقدير لام التعليل؛ كما في قوله تعالى: {أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ} [القلم: ١٤] , وسواء أكان فيما علل به صادقاً أم كاذباً، إلا في غير نحويّ .. فتعليق في الأصح؛ لأن الظاهر قصده له, وهو لا يميز بين (إن) و (أن).
ولو علق الزوج الطلاق بفعله؛ كأن علقه بدخوله الدار ففعل المعلق به ناسياً للتعليق, أو ذاكراً له مكرهاً على الفعل, أو طائعاً جاهلاً بأنه المعلق عليه .. لم تطلق في الأظهر؛ لخبر ابن ماجه وغيره: «إن الله عز وجل وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» أي: لا يؤاخذهم بذلك.
أو بفعل غيره ممن يبالي بتعليقه لصداقة أو نحوها, وعلم به أو لم يعلم, وقصد الزوج إعلامه به, وفعله ناسياً أو مكرهاً أو جاهلاً .. لا يقع الطلاق في الأظهر.
وإن لم يبال بتعليقه كالسلطان, أو كان يبالي به ولم يعلم به, ولم يقصد الزوج إعلامه به .. وقع الطلاق بفعله وإن اتفق في بعض صوره نسيان أو نحوه؛ لأن الغرض حينئذ مجرد التعليق بالفعل من غير أن ينضم إليه قصد المنع.
قوله: (إلا إذا بالمستحيل وصفه) أي: فإنه يقع في الحال؛ لاستحالة ذلك فيلغو التعليق, ولا فرق فيه بين المستحيل عقلاً؛ كالجمع بين الضدين, والمستحيل شرعاً؛ كإن نسخ صوم شهر رمضان, والمستحيل عرفاً؛ كـ (إن صعدت في السماء وطرت).
وما جرى عليه الناظم .. رأي مرجوحٌ, والأصح: لا وقوع في المستحيل عقلاً وشرعاً كالمستحيل عرفاً؛ لأن الأصحاب اتفقوا على تصحيحه وهو المنصوص؛ لأنه لم ينجُزه, وإنما علقه بصفة ولم يوجد, وقد يكون الغرض من التعليق بالمستحيل امتناع الوقوع؛ لامتناع وقوع المعلق به, كما في قوله تعالى: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: ٤٠].
والأقرب: أن معنى كلام المصنف: أن تعليق الطلاق بالمستحيل الشامل لأقسامه الثلاثة