ويعتبر اليسار وغيره بطلوع الفجر؛ لأنه الوقت الذي يجب فيه التسليم, فالموسر حينئذ عليه نفقة اليسار ولو أعسر في أثناء النهار, والمعسر بعكسه.
[جنس النفقة الواجبة]
والواجب: الحَبُ السليم من العيب من غالب قوت أهل البلد, فإن اختلف قوت أهل البلد ولا غالب .. وجب لائق بالزوج, وتجب عليه مؤنة طحن الحب الواجب وخبزه؛ للحاجة إليهما.
ولو طلب أحدهما بدل الحب من خبز أو غيره .. لم يجبر الممتنع منهما, فلا يجوز على المذهب, أما الجواز في غيرهما؛ كالدراهم والدنانير والثياب .. فلأنه اعتياض عن طعام مستقر في الذمة لمعين؛ كالاعتباض عن الطعام المغصوب المتلف, وأما المنع في الدقيق والخبز .. فلانه ربا.
ولو أكلت معه كالعادة .. سقطت نفقتها في الأصح إن كانت رشيدة, أو غير رشيدة وأذن وليها فى أكلها معه؛ لاكتفاء الزوجات به في الأعصار وجريان الناس عليه فيها, فإن كانت غير رشيدة؛ ولم يأذن وليها في أكلها معه .. لم تسقط عنه.
قوله: (والأدم واللحم كعادة البلد) أي: يجب لها أدم من أدم غالب البلد؛ كزيت وسمن وجبن وتمر وخل, ويختلف بالفصول, فيجب في كل فصل ما يناسبه, ويقدره قاض باجتهاده, ويفاوت في قدره بين موسر وغيره, فينظر ما يحتاج إليه المد فيفرضه على المعسر, وضعفه على الموسر, وما بينهما على المتوسط, ويجب لها لحم يليق بيساره وإعساره كعادة البلد.
قال الشيخان: ويشبه أن يقال: لا يجب الأدم في يوم اللحم, ولم يتعرضوا له, ويحتمل أن يقال: إذا أوجبنا على الموسر اللحم كل يوم .. يلزمه الأدم أيضاً؛ ليكون أحدهما غداء والآخر عشاء على العادة.
ولو كانت تأكل الخبز وحده .. وجب الأدم ولا نظر إلى عادتها, والأصل في وجوبه: قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩] , وليس من المعاشرة بالمعروف تكليفها الصبر على الخبز وحده.