الأولى: الجهاد فرض كفاية مؤكد كل سنة، إذا فعله من فيهم كفاية ... سقط الحرج عن الباقين؛ هذا إذا كان الكفار ببلادهم كما مر، وذكر الأصحاب أن الكفاية تحصل بشيئين:
أحدهما: أن يشحن الإمام الثغور بجماعة يكافئون من بإزائهم من الكفار.
الثاني: أن يدخل الإمام دار الكفر غازياً بنفسه، أو يبعث جيشاً يؤمر عليهم من يصلح لذلك.
والجهاد فرض كفاية مؤكد على كل ذكر مكلف، مسلم حر، بصير صحيح، مطيق للجهاد.
فلا جهاد على امرأة؛ لضعفها عن القتال غالباً، ولخبر البيهقي وغيره عن عائشة قالت:
قلت: يا رسول الله؛ هل على النساء جهاد؟ قال:«نعم؛ جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة»، ولا على خنثى مشكل، لاحتمال الأنوثة، ولا على غير مكلف؛ كصبي ومجنون وكافر، ومن فيه رق ولو مبعضاً، وأعمى ومريض يتعذر قتاله، أو يشق عليه مشقة شديدة، ومن لا يطيقه؛ كذي عرج بين وإن قدر على الركوب، وأقطع وأشل، وفاقد معظم أصابع يديه.
قال الأذرعي: والظاهر: أن فاقد الإبهام والمسبحة معاً، أو الوسطى والبنصر .. كفاقد معظم الأصابع.
ولا على عادم أهبة قتال؛ من سلاح ونفقة وراحلة لسفر القصر، فاضل جميع ذلك عن نفقة من تلزمه نفقته، وما ذكر معها في الحج، وكل عذر منع وجوب الحج .. منع وجوب الجهاد، إلا خوف طريق ولو من لصوص مسلمين، والدين الحال على موسر لم يستنب في وفائه يحرم سفر جهاد وغيره إلا بإذن صاحبه.
ويحرم على الرجل جهاد إلا بإذن أصوله المسلمين، أو من وجد منهم، لا سفر تعلم فرض ولو كفاية، ورجوع رب الدين أو الأصل عن إذنه .. يوجب الرجوع إن لم يحضر الصف، إلا أن يخاف على نفسه أو ماله.
ويكره الغزو بغير إذن الإمام أو نائبه؛ لأنه أعرف بما فيه المصلحة، ويسن للإمام إذا بعث سرية أن يؤمر عليهم ويأخذ البيعة عليهم بالثبات، ويأمرهم بطاعة الأمير ويوصيه بهم.