وخرج بقول الناظم:(وحالف لا يفعل الأمرين) ما لو حلف لا يفعل كلا منهما؛ بأن أعاد حرف النفي؛ كقوله:(والله؛ لا آكل اللحم ولا العنب)، أو (لا آكل التمر ولا الزبيب) .. فإنه يحنث بأحدهما؛ كما لو أعاد المحلوف به؛ كأن قال:(والله؛ لا آكل اللحم، والله؛ لا آكل العنب)، (والله؛ لا آكل التمر، والله؛ لا آكل الزبيب).
وصوره ما ذكره: ما إذا كان العطف بالواو، فإن كان بالفاء، أو بـ (ثم) .. كان حالفاً على عدم أكل العنب بعد اللحم، أو الزبيب بعد التمر بلا مهلة في الفاء، وبمهلة في (ثم) في قوله: (والله؛ لا آكل اللحم فالعنب)، أو (ثم العنب)، أو (التمر فالزبيب)، أو (ثم الزبيب) .. فلا يحنث إذا أكلهما معاً، أو العنب قبل اللحم، أو الزبيب قبل التمر أو بعده بمهلة في الفاء، وبلا مهلة في (ثم).
[إذا حلف لا يفعل شيئاً فوكل في فعله]
الثالثة: لو جلف ألا يفعل شيئاً، فوكل من فعله .. لم يحنث بفعل وكيله، فلو حلف لا يبيع أو لا يشتري، أو لا يزوج أو لا يطلق، أو لا يعتق أو لا يضرب، فوكل من فعله .. لم يحنث؛ لأنه لم يفعله، سواء أجرت عادته بالتوكيل فيه أم لا، وسواء لاق به أم لا.
نعم؛ إن نوى ألا يفعل ذلك بنفسه ولا بغيره .. حنث، أو لا ينكح أو لا يتزوج .. حنث بعثد وكيله له، لا بقبوله هو لغيره؛ لأن الوكيل في قبول النكاح سفير محض لا بد له من تسمية الموكل؛ وهذا ما جزم به في "المنهاج" كـ"أصله"، وحكاه في "الروضة" و"أصلها" عن البغوي، ومقابله عن الصيدلاني والغزالي.
ويحري مثل ذلك: فيما لو حلف لا يراجع من طلقها رجعياً، ثم وكل من يراجعها، سواء أقلنا: الرجعة ابتداء نكاح أم استدامة.
ولو حلف لا يبيع مال زيد، فباعه بإذنه .. حنث، وإلا .. فلا حنث؛ لفساد البيع، وهو في الحلف منزل على الصحيح، أو لا يهب له، فأوجب له فلم يقبل .. لم يحنث؛ لعدم تمام العقد، وكذا إن قبل ولم يقبض في الأصح؛ لأن مقصود الهبة من نقل الملك لم يحصل، ويحنث بعمرى ورقبى وصدقة؛ لأنها أنواع من الهبة، لا بإعارة ووصية ووقف؛ لأنها ليست بهبة، أو لا يتصدق .. لم يحنث بهبة في الأصح؛ لأنها الصدقة أخص من الهبة، أو لا يأكل