أما الكفارة في الثالث .. فمتعينة كما جزم به في "الروضة" و"أصلها"، وسيأتي في كلامه في (باب النذر) حكاية الخلاف.
وخرج (بنذر اللجاج): نذر التبرر الشامل لنذر المجازاة، فيجب فيه ما التزمه كما سيأتي في بابه، والفرق بين نذر اللجاج ونذر المجازاة: أن السبب في الأول يرغب عنه، وفي الثاني يرغب فيه كالشفاء، ويرجع في ذلك كما قاله الرافعي إلى القصد، فلو قال:(إن رأيت فلاناً .. فعلي صوم): فإن ذكره لكراهته الرؤية .. فندر لجاج، أو لرغبته فيها .. فنذر مجازاة.
وخرج بـ (التحقيق): لغو اليمين؛ بأن سبق لسانه إلى لفظها بلا قصد؛ كقوله في حالة غضب أو لجاج، أو صلة كلام:(لا والله) تارة، و (بلى والله) أخرى، فلا تنعقد؛ إذ لا يقصد بها تحقيق شيء، ولقوله تعالى:{لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}[المائدة: ٨٩]، وجعل منه صاحب "الكافي": ما إذا دخل على صاحبه، فأراد أن يقوم له فقال:(لا والله)، وهو مما تعم به البلوى.
ولو قال: لا والله وبلى والله في كلام واحد .. قال الماوردي: الأولى لغو، والثانية منعقدة؛ لأنها استدراك مقصود منه، وفي معنى اللغو: ما لو حلف على شيء فسبق لسانه إلى غيره.
ولو حلف وقال:(لم أقصد اليمين) .. صدق، وفي الطلاق والعتاق والإيلاء .. لا يصدق في الظاهر؛ لتعلق حق الغير به، ولأن العادة جرت بإجراء لفظ اليمين بلا قصد بخلاف الطلاق وتالييه، فدعواه فيها تخالف الظاهر فلا تقبل.
ولو اقترن باليمين ما يدل على القصد .. لم يقبل قوله في الحكم.
ولو حلف لا يدخل الدار، ثم قال:(أردت شهراً): فإن كانت اليمين بطلاق أو عتاق .. لم يقبل في الحكم، ويلحق بهما الإيلاء؛ لتعلقه بحق آدمي، وإن كانت بالله تعالى ولم تتعلق بحق آدمي .. قبل ظاهراً وباطناً.
[لو حلف لا يفعل أمرين]
الثانية: إذا حلف لا يفعل أمرين؛ كأن لا يلبس هذين الثوبين، أو لا يأكل هذين الرغيفين، أو اللحم والعنب، أو التمر والزبيب، أو لا يدخل الدارين .. لم يحنث بأحدهما.