ثانيها: التكليف؛ فلا نقبل شهادة غير المكلف كإقراره بل أولى.
ثالثها: الحرية؛ فلا تقبل شهادة غير الحر ولو مكاتباً أو مبعضاً كسائر الولايات؛ إذ في الشهادة نفوذ قول على الغير.
رابعها: النطق؛ فلا تقبل شهادة الأخرس وإن فهمت إرادته؛ لأنها لا تفصح عن المراد، وإنما صحت تصرفاته بها للحاجة.
خامسها: العلم بالعدالة وظهورها؛ فلا تقبل شهادة من لم تثبت عدالته كالفاسق؛ لقوله تعالى:{واشهدوا ذوي عدل منكم}، ولقوله تعالى:{ممن ترضون من الشهداء}، ولأن الحاكم لا يحكم إلا بشهادة من يغلب على ظنه صدقها.
و(العدل): من لم يقدم على كبيرة مختاراً؛ وهي ما لحق صاحبها ووعيد شديد ينص كتاب أو سنة؛ كالقتل والزنا واللواط، وشرب المسكر والسرقة، والغصب والقذف، والنميمة وشهادة الزور، واليمين الفاجرة وقطيعة الرحم، والعقوق والفرار، وإتلاف مال اليتيم والربا، والسحر والوطء في الحيض وخيانة الكيل أو الوزن، وتقديم الصلاة على وقتها أو تأخيرها عنه، والكذب على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضرب المسلم وسب الصحابي، وكتمان الشهادة، والرشوة والدياثة والقيادة والسعاية، ومنع الزكاة واليأس من الرحمة، والأمن من المكر، وأكل لحم الخنزير والميتة، والفطر في رمضان والغلول والمحاربة، ولا لازم صغيرة وأصر عليها؛ وهي كل ذنب ليس بكبيرة، والإصرار عليها: الإكثار من نوع أو أنواع منها، فتنتفي به العدالة إلا أن تغلب طاعات المصر على ما أعليه فلا يضر، والصغيرة: كالنظر إلى ما لا يجوزن والغيبة والسكوت عليها، والكذب الذي لا حد فيه ولا ضرر، والإشراف على بيوت الناس، وهجر المسلم فوق ثلاث، والجلوس مع الفساق إيناساً لهم، واللعب بالنرد، واستعمال آلة من شعار شربة الخمر؛ كطنبور وعود، وصنج ومزمار عراقي، واستماعها، واللعن ولو لكافر أو بهيمة، وليس حرير وجلوس عليه، والهجو والسفاهة.
وخرج يقول الناظم:(طوعاً): من أقدم على كبيرة مكرهاً؛ فإنه عدل.
قوله:(أو تاب) أي: ما أقدم على كبيرة مختاراً، ولا أصر على صغيرة، أو فعل ذلك لكنه تاب مع قرائن تغلب على الظن بأنه قد صلح.
فيشترط في توبة معصية قولية القول؛ فيقول القاذف: (قذفي باطل، وأنا نادم عليه،