للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واليمين يفيد قطع الخصومة في الحال؛ لا براءة، فلو أقام بعدها بينة بمدعاه .. عمل بها.

وتعتبر نية القاضي المستحلف للخصم، فلو ورى أو تأول خلافها أو استثنى؛ بحيث لا يسمعه القاضي .. لأم يدفع ذلك إثم اليمين الفاجرة، وفي ذلك خبر مسلم: ((اليمين على نية المستحلف))، وهو محمول على القاضي.

ولو حلف الإنسان ابتداء، أو حلفه غير القاضي من قاهر، أو خصم أو غيره .. فالاعتبار بنية الحالف، وتنفعه التورية.

ولو حلفه القاضي بالطلاق أو العتاق .. نفعته التورية، لأنه ليس له التحليف بهما.

ولو قال المدعى عليه حين طلب المدعي تحليفه: (قد حلفني مرة على ما ادعاه عند قاض، فليحلف أنه لم يحلفني عليه) .. مكن؛ لأن ما قاله محتمل غير مستبعد، فإن قال: (قد حلفني مرة عندك أيها القاضي)، فإن حفظ القاضي ما قاله .. لم يحلفه ومنع المدعى مما طلبه، وإن لم يحفظه .. حلفه، فإن أبى؛ أي: امتنع المدعى عليه من اليمين؛ كأن قال: (أنا ناكل)، أو قال له القاضي: احلف، فقال: (لا أحلف) .. ردت اليمين على المدعي فيحلف؛ لتحول الحلف إليه؛ فإذا حلف اليمين المردودة .. استحق ما ادعاه، وقضى له به، ولا يقضي له بنكوله؛ لأنه عليه الصلاة والسلام رد اليمين على طالب الحق رواه الدارقطني والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.

واليمين المردودة؛ كإقرار المدعي عليه لتنزل نكوله منزلة إقراره؛ لأنه به توصل إلى الحق.

فلو أقام المدعي عليه بينة بعدها بأداء أو إبراء .. لم تسمع؛ لتكذيبه لها بإقراره، فإن لم يحلف المدعي، ولم يتعلل بشيء .. سقط حقه من اليمين، وليس له مطالبة الخصم في هذا المجلس ولا غيره، ويصير امتناعه كحلف المدعى عليه، وإلا .. لرفع خصمه كل يوم إلى القاضي، والخصم ناكل وهو لا يحلف اليمين المردودة، ويطول الخطب.

وله أن يقيم البينة، وإن تعلل بإقامة بينة أو مراجعة حساب .. أمهل ثلاثة أيام، وإن استمهل المدعى عليه حين استحلف لينظر حسابه .. لم يمهل إلا برضا المدعي؛ لأنه مقهور بطلب الإقرار أو اليمين، بخلاف المدعي.

<<  <   >  >>