الذي على يمين القلب فيه، والإلهامي: إيقاع شيء في القلب ينشرح له الصدر، والفرق بينهما: أن إلقاء الملك قد تعارضه النفس والشيطان بالوساوس، بخلاف الخواطر الإلهية؛ فإنها لا يردها شيء، بل تنقاد لها النفس والشيطان طوعاً وكرهاً، وإذا كان الخاطر مباحاً؛ كالأكل والنوم وغيرهما .. فجدد له نية صالحة؛ ليصير مأموراً به؛ كأن تنام وقت القيلولة؛ لتنشط للعبادة في الليل؛ كما تقدم في (المقدمة) في قول الناظم:
(لكن إذا نوى بأكله القوى ... لطاعة الله له ما قد نوى)
[خوف العجب ليس مانعاً من العمل]
وإن تخف وقوعه؛ أي: المأمور به على وصف منهي عنه؛ مثل: إعجاب أو رياء .. فلا بأس عليك في وقوعه عليه من غير قصد له، فلا يكون ذلك مانعاً لك من المبادرة إليه، أقم الأمر واحترز عن المنهي.
وخرج بقوله:(وقوعه): إيقاعه؛ بأن أوقعته عليه قاصداً له، فإن ذلك محبط للعمل، موجب للإثم، فاستغفر الله تعالى، وتب إليه منه كما سيأتي.
وقد قال الفضيل: العمل لأجل الناس شرك، وترك العمل لأجل الناس رياء، والإخلاص أن يعافيك الله منهما.
وإن يك استغفارنا يفتقر لاستغفار مثله؛ لنقصه بغفلة قلوبنا معه، بخلاف استغفار الخلص ورابعة العدوية منهم، وقد قالت:(استغفارنا يحتاج إلى استغفار) هضماً لنفسها .. لا يوجب ترك الاستغفار منا المأمور به؛ بأن يكون الصمت خيراً منه، بل نستغفر وإن احتاج إلى استغفار؛ لأن اللسان إذا ألف ذكراً ... أوشك أن يألفه القلب فيوافقه فيه.
قال الغزالي في "الإحياء" في (باب التوبة): لا تظن أن رابعة تذم حركة اللسان بالاستغفار من حيث إنه ذكر الله تعالى، بل تذم غفلة القلب، فهو محتاج إلى الاستغفار من غفلة قلبه لا من حركة لسانه، فإن سكت عن الاستغفار باللسان أيضاً .. احتاج إلى استغفاريين، قال: وهذا معنى قول القائل الصادق: (حسنات الأبرار سيئات المقربين)