مؤاخذة حديث النفس والهم به، وفي هذه المرتبة تفترق الحسنة والسيئة؛ فإن الحسنة له تكتب، والسيئة لا تكتب عليه، بخلاف الثلاث الأول؛ فإنها لا يترتب عليها ثواب ولا عقاب، واقتصر الناظم على هذين المرتبتين؛ لوضوح الأمر في الأوليين.
الخامسة: العزم، وهو قوة القصد والجزم به وهو مؤاخذ به؛ لقوله تعالى:{ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم}، ولخبر "الصحيحين": "إذا التقى المسلمان بسيفيهما .. فالقاتل والمقتول في النار"، قيل: يا رسول الله؛ هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال:"إنه كان حريصاً على قتل أخيه".
وقول الناظم:(أو تكلما) بنقل حركة همزته إلى الساكن قبلها، وألفه للإطلاق.
[مجاهدة النفس إذا همت بالمعصية]
(فجاهد النفس بألا تفعلا ... فإن فعلت تب وأقلع عجلاً)
أي: فجاهد النفس الأمارة بالسوء وجوباً إذا همت بمعصية الله تعالى؛ لحبها بالطبع ما نهيت عنه لتطيعك في الاجتناب؛ كما تجاهد من يقصد اغتيالك، بل أعظم؛ لأنها تقصد لك الهلاك الأبدي باستدراجها لك من معصية إلى أخرى حتى توقعك فيما يؤديك إلى ذلك، فإنها حينئذ أكبر أعدائك، وفي الحديث:"أعدى عدو لك نفسك التي بين جنبيك".
وقال بعضهم: معالجة المعصية إذا خطرت حتى لا تقع .. أهون من معالجة التوبة حتى تقبل؛ لأن ذلك بكف النفس، والتوبة بالندم والأسف والبكاء، ثم لا يدرى أقبلت توبته أم لا؟ فإن فعلت الخاطر المذكور لغلبة الإمارة عليك .. فتب على الفور وجوباً، وأقلع عن المعصية عاجلاً؛ ليرتفع عنك إثم فعله بالتوبة التي وعد الله تعالى بقبولها فضلاً منه، ومما تتحقق به الإقلاع كما سيأتي.
وقبول التوبة من الكفر قطعي، وفي قبول التوبة من المعصية قولان: قال النووي: الأصح: أنه ظني، وقال بعضهم: الصحيح: أنه قطعي، والواقع في المعصية إن كان لاهياً