وفضائلها؛ لقوله تعالى:{إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين}، وقوله صلى الله عليه وسلم:"التائب حبيب الله، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له"، واذكر مقدماتها الثلاث:
إحداها: فبح الذنوب.
والثانية: ذكر عقوبة الله تعالى، وأليم سخطه الذي لا طاقة لك به.
الثالثة: ذكر ضعفك، وكونك لا تحمل حر الشمس، ولطمة شرطي، وقرصة نملة، كيف تقدر على حر نار جهنم التي أوقد عليها ثلاثة آلاف سنة؟ !
فإذا عرضا هذه الأشياء على قلبك .. حملتك على التوبة، وذكر القشيري بإسناده إلى الحنيد قال: دخلت على السري يوماً فرأيته متغيراً، فقلت: مالك؟ فقال: دخل علي شاب فسألني عن التوبة؟ فقلت له: ألا تنسى ذنبك، فعارضني وقال: بل التوبة أن تنسى ذنبك، فقلت: الأمر عندي ما قال الشاب، فقال: لم؟ فقلت: لأني إذا كنت في حال الجفاء، ونقلني إلى حال الوفاء .. فذكر الجفاء في حال الصفاء جفاء.
وفسر الناظم التوبة بالندم؛ لأنه روحها الذي تحيا به، وركنها الأعظم، وروى ابن ماجه بإسناد لين:"الندم توبة" ومعناه: أن الندم لتعظيم الله وخوف عقابه مما يبعث على التوبة، فلما كان من أجزائها أو أسبابها .. سماه بها مجازاً.
وقد كانت التوبة في بني إسرائيل بقتل النفس؛ كما قال تعالى:{فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم}، وتوبة هذه الأمة: إفناء نفوسهم عن مرادها مع بقاء رسوم الهياكل، ومثل هذا الإفناء كمثل من أراد كسر لوزة في قارورة، فحقيقة التوبة إقلاعه عن المعصية في الحال؛ حياء من الله تعالى وخوفاً من عقابه؛ إذ يستحيل أن يحصل الندم الحقيقي على شيء مع بقائه عليه، وملازمته له في الحال، وعزمه على ألا يعود إليه في الاستقبال؛ كما لا يعود اللبن إلى الضرع بعد أن خرج منه، وهذه هي التوبة النصوح.
فإن قلت: إنما يمنعني من التوبة أني أعلم من نفسي أني أعود إلى الذنب، ولا أثبت على التوبة فلا فائدة في ذلك .. فاعلم أن هذا كما قال الغزالي: من غرور الشيطان، من أين لك