للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا العلم؟ فعسى أن تموت تائباً قبل معاودة الذنب، وأما خوف العود .. فعليك العزم والصدق في ذلك، فبذلك تتخلص من ألم الذنب، وتكون بين إحدى الحسنيين، والله ولي التوفيق والهداية.

وإن تعلقت بحق آدمي وهي أشكل وأصعب من غيرها .. فلا بد فيها من براءة الذمة عنه، سواء أكانت في مال أن نفس، أم عرض أم حرمة أم دين، فما كان من المال .. فيجب أن ترده إلى مالكه، أو من يقوم مقامه من ولي أو وصي، أو من يقوم مقامهما.

وما كان في النفس .. فتمكنه من القصاص، أو أولياءه حتى يقتصوا منك أو يجعلك في حل.

وما كان في العرض؛ كأن اغتبته أو بهته أو شتمته .. فحقك أن تكذب نفسك بين يدي من فعلت ذلك عنده، وتستحل من صاحبه إن أمكنك إذا لم تخض هيجان فتنة، وإلا .. فالرجوع إلى الله تعالى ليرضيه عنك والاستغفار الكثير لصاحبه.

وما كان في حرمة؛ بأن خنته في أهله أو ولده أو أمته .. فلا وجه للاستحلال والإظهار؛ فإنه يولد فتنة وحقداً في القلوب، بل تتضرع إلى الله سبحانه وتعالى ليرضيه عنك، ويجعل له خيراً في مقابلته، فإن أمنت الفتنة وهيجانها وهو نادر .. فتستحل منه.

وما كان في الدين؛ بأن كفرته أو بدعته، أو ضللته في دينه .. فهو أصعب، فتحتاج إلى تكذيب نفسك بين يدي من قلت ذلك له، أو تستحل من صاحبه إن أمكنك، وإلا .. فالابتهال إلى الله تعالى بأن يرضيه عنك، والندم على فعله.

وواجب عليك إعلام المستحق بما وجب له عليك إن جهل استحقاقه؛ بأن تعترف عند ولي الدم مثلاً، وتحكمه في نفسك، فإن شاء .. عفا عنك، وإن شاء .. قتلك، ولا يجوز لك الإخفاء، بخلاف ما لو زنا أو شرب، أو باشر ما يجب فيه حد الله تعالى .. فإنه لا يلزمه أن يفضح نفسه، بل عليه أن يسترها.

فإن يغب المستحق عن البلد .. فاذهب إليه، أو ابعث له ما يستحقه في ذمتك، أو ما يحصل به الإبراء عجلاً بلا تأخير، فإن انقطع خبره .. رفع أمره إلى قاض مرضي.

فإن يمت المستحق .. فهي؛ أي: الظلامة أو تبرئة ذمتك لوارث ترى؛ أي: تعلمه بدفع الحق إليه، أو إبرائه إياك منه.

فإن لم يكن له وارث، أو انقطع خبره .. فادفعه إلى قاض تعرف سيرته وديانته، فإن تعذر

<<  <   >  >>