الحاكم المرضي .. فأعط قدر ما عليك للفقراء صدقة عن المستحق، قال الإسنوي: ولا يختص بالصدقة، بل هو مخير بين أن يدفعه إلى مصالح المسلمين، وبين أن يدفعه إلى قاض بشرطه ليصرفه في المصالح إن وجده، وبين أن يتصدق به عن المستحق مع نية الغرم للمالك إن وجده، أو وارثه وقدر على وفائه.
فإن كان معسراً لا يقدر عليه .. نوى الغرامة إذا قدر عليه، أو على شيء منه، وإن لم يمكن شيء من ذلك .. فليكثر من الحسنات؛ ليؤخذ منها عوضاً عنه يوم القيامة، ويكثر الرجوع إلى الله تعالى بالتضرع والابتهال إليه؛ ليرضي عنه خصمه يوم القيامة ويعوضه عنه، وإن يمت من عليه الظلامة من قبلها؛ أي: استيفائها .. فالمرجو من تكرم الله تعالى أن تناله مغفرته.
قال النووي: ظواهر السنة الصحيحة تقتضي ثبوت المطالبة بالظلامة وإن مات معسراً عاجزاً إذا كان عاصياً بالتزامه، فأما إذا استدان في موضع يباح له الاستدانة فيه، واستمر عجزه عن الوفاء، أو أتلف شيئاً خطأ وعجو عن غرامته .. فالظاهر أن هذا لا مطالبة في حقه في الآخرة؛ إذ لا معصية منه، والمرجو من الله سبحانه وتعالى أن يعوض صاحب الحق؛ كما أشار إليه إمام الحرمين في أول (كتاب النكاح).
والألف في قول الناظم:(جهلا) للإطلاق، وقوله:(الأدا) بالقصر للوزن.
(وإن تصح توبة وانتقضت ... بالذنب لا يضر صحة مضت)
(وتجب التوبة من صغيرة ... في الحال كالوجوب من كبيرة)
(ولو على ذنب سواه قد أصر ... لكن بها يصفو عن القلب الكدر)
فيها ثلاث مسائل:
[نقض التوبة بالذنب لا يقدح في صحتها الماضية]
الأولى: إذا صحت توبة العبد من الذنب بشرطها، ثم نقض التوبة بذنب آخر ولو كبيراً .. لم يقدح في توبته، ولا يضر ذلك في صحتها الماضية؛ هذا معنى قوله:(لا يضر صحة مضت)، وفي بعض النسخ:(توبة مضت)، وذلك؛ لقوله تعالى:{إن الله يحب التوابين} و (التواب) من أبنية المبالغة الدالة على التكرار، فلا يطلق إلا على من تكرر منه التوبة مرات،