وإطلاقه يقتضي أنه تتكرر منه التوبة، سواء أوقعت منه معصية أخرى مع التوبة أم لا.
وروى مسلم والنسائي عن أبي موسى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل يبسط يده بالليل؛ ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار؛ ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها".
وروى الحاكم عن جابر:(من سعادة المرء أن يطول عمره، ويرزقه الله تعالى الإنابة).
وروى ابن ماجه عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لو أخطأتم حتى تبلغ خطاياكم السماء ثم تبتم .. لتاب الله عليكم".
وروى عن أبي عبيدة بن عبد الله، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له"، ولم يقل: التائب من الذنوب كلها.
وروى عن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الندم توبة" ولم يشترط الندم عن كل ذنب، وروى أبو داوود عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم مئة مرة"، ولفظ الترمذي:"ولو فعله" أي: فعل الذنب "في اليوم سبعين مرة".
وخالف فيه القاضي أبو بكر فقال بانتقاض توبته الأولى، فيؤاخذ بذلك الذنب الذي تاب منه، والصحيح خلافه؛ كمن ترك صلاة فقضاها، ثم ترك أخرى، فالأولى التي قضاها بشروطها صحت منه، وبرئت ذمته منها، وسقط التكليف بها، فلا يطالب بها ثانياً؛ لما روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل قال:"إذا أذنب عبدي ذنباً فقال: يا رب؛ إني أذنبت ذنباً فاغفر لي، فقال ربه: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب، ويأخذ به .. فغفر له، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب؛ اغفر لي ... " فذكر مثله