للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسألة

(هذه مكان عمرتك) بين الرفع والنصب

في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هذه مكان عمرتك" (١).

قال ابن الملقن:

" ... (هذه مكانُ عمرتك)، برفعِ (مكان) على الخبر؛ أي: عوضُ عمرتك الفائتة، وبالنصب على الظرف. قال بعضُهم: والنصبُ أوجَهُ، ولا يجوزُ غيرُه، والعامل فيه محذوف؛ تقديره: هذه كائنةٌ مكانَ عمرتك أو مجعولةٌ مكانَها. قال القاضي عياض: والرفعُ أوجَهُ عندي؛ إذ لم يُرِد به الظرفَ، إنما أراد عِوَضَ عمرتِك" (٢).

بيان المسألة:

ذكر ابن الملقن أن كلمة (مكان) في النص السابق تُرفع خبرًا، وتُنصب ظرفًا، وبيان ذلك فيما يلي:

المشهورُ عند النحويين أن الظرف لا ينتصبُ ما لم يتضمَّن معنَى (في)، وأن المكان لا يقبلُ ذلك ما لم يكن مبهمًا، أي: ليس له حدودٌ تحصُرُه (٣)، قال ابن مالك:

الظرفُ وقتٌ أو مكانٌ ضُمِّنَا ... (في) باطرادٍ كهُنا امكُثْ أزمُنَا

وقال:

فانصِبْه بالواقعِ فيه مُظهَرَا ... كانَ وإلا فانْوِهِ مُقدَّرَا

وكلُّ وقتٍ قابلٌ ذاك وما ... يقبلُه المكانُ إلا مُبهَما (٤)

ومن ثَمَّ فإن لفظ (مكان) في هذا الحديث لا يتضمنُ معنى (في) فكيف يكون منصوبًا؟

وأما وجهُ الرفع لـ (مكان) فهو أرجَحُ؛ لأمور:

١ - أن لفظ (مكان) لا يتضمنُ معنى (في)، وشرطُ تضمُّنِه معنى (في) أقرَّه النحويون، وهو


(١) صحيح البخاري ٢/ ١٤٠، باب كيف تهل الحائض والنفساء.
(٢) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ١١/ ٢٠٠.
(٣) الأصول في النحو ١/ ١٩٧، اللمع في العربية ١/ ٥٦، شرح المفصل لابن يعيش ١/ ٤٢٦.
(٤) ألفية ابن مالك ٣٠.

<<  <   >  >>