للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسألة

(سَمِع) بين التعدي إلى مفعول واحد ومفعولين

في قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: إنما الأعمالُ ... " (١).

قال ابن الملقن:

"اختلف النحاةُ في (سمِعتُ) هل يتعدى إلى مفعولين؟ على قولين: أحدُهما: نعم، وهو مذهبُ أبي علي الفارسي في "إيضاحه" قال: لكن لا بد أن يكون الثاني مما يُسْمَع، كقولك: سمعت زيدًا يقولُ كذا، ولو قلت: سمعتُ زيدًا أخاك لم يجُز، والصحيحُ أنه لا يتعدَّى إلا إلى مفعول واحد، والفعلُ الواقع بعد المفعول في موضع الحال، أي: سمعتُه حالَ قولِه كذا" (٢).

بيان المسألة:

ذكر ابنُ الملقن أن النحاة اختلفوا في تعدي الفعلِ (سمع) إلى مفعول أو مفعولين، وبيان ذلك فيما يلي:

المشهور عند النحويين أن الفعل (سمع) يتعدى إلى مفعول واحد (٣)، ويرى أبو علي الفارسي أنه من الأفعال المتعدية إلى مفعولين، شريطةَ أن يكون المفعولُ الثاني مما يُسمع، وإن اقتُصِر على مفعول واحد، فيجب أن يكون مما يُسمع (٤).

والجواب عن ذلك:

١ - أن الفعل (سمع) لم يُذكر عند النحويين ضمنَ بابِ ظن وأخواتها؛ إذ ظن وأخواتها من الأفعال المتعدية إلى مفعولين.

٢ - أن الفعل (سمع) لم يذكر عند النحويين ضمن باب أعطى؛ إذ المفعول الثاني في أعطى (اسم) والفعل (سمع) قد يقع المفعول الثاني (فعلًا)، فتقول: سمعت زيدًا يتكلم.

فمنعُ (سمع) من هذين البابين يستلزمُ كونَه مما يتعدى إلى مفعول واحد، والفعلُ بعده في


(١) صحيح البخاري ١/ ٦، باب بدء الوحي.
(٢) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ١٥/ ٤٦٠.
(٣) التعليقة على كتاب سيبويه ٤/ ٢٤٨، شرح المفصل ٤/ ٢٩٥، أمالي ابن الحاجب ١/ ١٨٨، شرح شذور الذهب لابن هشام ٤٥٦.
(٤) الإيضاح ١٥٣.

<<  <   >  >>