للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسألة

المضارع بعد الطلب بين الرفع والجزم

في قوله - عليه السلام -: "لا ترجعوا بعدي كُفَّارًا يَضرِب بعضُكم رقابَ بعض" (١).

قال ابن الملقن:

"وقوله: (يضرب بعضُكم رقابَ بعض) مَن جزم الباءَ مِن (يضربْ) أوَّله على الكفر الحقيقي الذي فيه ضربُ الأعناق، ومَن رفعها فكأنه أراد الحالَ أو الاستئنافَ، ولا يكون متعلقًا بما قبله" (٢).

بيان المسألة:

ذكر ابن الملقن أن (يضرب) يصحُّ فيها الجزمُ على جواب النهي، ويصحُّ فيها الرفع، وبيان ذلك فيما يلي:

لـ (يضرب) في هذا الحديث إعرابان:

أحدهما: الجزمُ، جوابًا للنهي (لا ترجعوا .. يَضربْ)، أي: يقتُل.

ثانيهما: الرفعُ، على أنها جملة استئنافية، فيصبحُ المعنى: (يضربُ .. فِعْلُكم كفعل الكفار).

والصوابُ الرفع (٣)؛ لمخالفة الجملة لشرط الجزم بعد النهي، قال ابنُ مالك (٤):

وشرطُ جزمٍ بعد نهيٍ أن تضَعْ ... إنْ قبلَ لا دون تخالُفٍ يقَعْ

وذلك مثلُ: لا تدْنُ من الأسد تسلَمْ، وبعد دخول (إن) تصبح الجملةُ: إن لا تدْنُ تسلمْ، فباستقامة المعنى يتعينُ الجزم. في حين إنه لا يجوز الجزمُ في مثل قول: لا تدنُ من الأسد يأكلُك؛ لعدم استقامة المعنى بعد دخول (إنْ)، فيتعينُ الرفع (٥).

فـ (يضربُ) في هذا الحديث مرفوعة؛ لعدم استقامة المعنى بعد دخول (إنْ)، فعند قولِ: (إنْ


(١) صحيح البخاري ٩/ ٥٠، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض).
(٢) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٣٢/ ٣١٧.
(٣) كشف المشكل من حديث الصحيحين ٢/ ٩، قوت المغتذي على جامع الترمذي ٢/ ٥٢٧.
(٤) ألفية ابن مالك ٥٨.
(٥) التصريح بمضمون التوضيح في النحو ٢/ ٣٨٤.

<<  <   >  >>