للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: الإجماع]

اعتمد ابنُ الملقن في شرحه للجامع الصحيح الموسوم بـ (التوضيح لشرح الجامع الصحيح)، على أصل الإجماع اعتمادًا ملحوظًا، حيث أقرَّ في كثير من الآراء ما أجمعَ عليه النحويون، ومثالُ ما أقرَّه ابن الملقن بناء على ذلك: في قوله - عليه السلام -: (فمن كانت هجرتُه إلى الله ورسوله فهجرتُه ... )، إذ قال: "لا بد فيه من تقدير شيء؛ لأن القاعدة عند أهل الصناعة أن ... " (١)، فذكرُه لهذا الحكم مبنيٌّ على ما أقره النحويون.

ومنه في قوله - عليه السلام -: (لها ريح مُنتن)، قال: "صوابُه: (منتنة)؛ لأن الريح مؤنثة، إلا أنه يجوزُ في المؤنث الذي لا فرجَ له أن يُعبَّر عنه بالمذكر" (٢)، وهو يشيرُ لما أجمع عليه النحويون.

وأيضًا مما أقره ابنُ الملقن لِما أجمع عليه النحويون: في قوله - عليه السلام -: (ويجعلون محرم صفرَ)، إذ قال: "والصواب صفرًا؛ لأنه مصروف قطعًا" (٣).

وكذلك في قوله - عليه السلام -: (فبكرًا تزوجتَ أم ثيبًا)، قال: تقديره: أبكرًا تزوجت؛ لأن (أم) لا يُعطف بها إلا بعد همزة الاستفهام" (٤). أي: عند النحويين.

ومن ذلك أيضًا في (مبرور)، إذ قال: "وأصلُه أن لا يتعدى بغير حرف جر" (٥).

وكذلك في قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: (ما كدتُ أصلي العصر)، قال ابن الملقن: "مقتضى الحديث أن عمر صلى العصر قبل المغرب؛ لأن النفي إذا دخل على (كاد) اقتضى وقوعَ الفعل في الأكثر، كما في قوله تعالى: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} (٦). والمشهور في (كاد) أنها إذا كانت في سياق النفي أوجبَتْ، فإن كانت في سياق الإيجاب نفَتْ" (٧).

هذا، وربما لا يكتفي ابنُ الملقن بما أقره النحويون فحسب، بل يزيدُ ما أقرَّه أهلُ الأصول


(١) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٢/ ١٩٠.
(٢) المصدر السابق ٢١/ ٢٢٣.
(٣) المصدر السابق ١١/ ٢٥٢.
(٤) المصدر السابق ٢٥/ ١٥٧.
(٥) المصدر السابق ١١/ ٣٨.
(٦) البقرة: ٧١.
(٧) المصدر السابق ٦/ ٢٨٢.

<<  <   >  >>