للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحثُ الثاني: الإيجازُ والإطناب لديه

سار ابنُ الملقن في شرحه للحديث الشريف وتوضيحه مسارَين، يُوضح خلالهما ما يريد دراسته، فتارةً يُوجز في شرحه، وتارة يطيل ويُطنب، ومحورُ ذلك حاجةُ الموضوع لأيهما، فمثالُ ما أوجز فيه:

في قوله - عليه السلام -: (قيل وقال)، قال ابن الملقن: "قال ابنُ السكيت: هما اسمان لا مصدران، وقيل: هما فعلان" (١).

وربما يوجزُ ابن الملقن في شرحه مكتفيًا بقولٍ واحد من أقوال أهل العلم، مع أن المسألة تحوي أكثرَ من قول، ومثالُ ذلك في قوله - عليه السلام -: (كان شطر الليل يبلغه)، قال ابن الملقن: "قيل: إنَّ (كان) هنا زائدة ... " (٢). ولم يتطرق لمجيئها تامة أو ناقصة. ومن ذلك أيضًا: في (كخ كخ) قوله: "قال الداودي: هي معربة ... " (٣). ولم يتطرق لأنها قد تكون مبنية.

ومن طرق الإيجاز لديه: أنه ربما يذكر فحوى الحديث ثم يعلل لهذا المعنى، ومنه في قول عمر - رضي الله عنه -: (ما كدتُ أصلي العصر)، قال ابن الملقن: "مقتضى الحديث أن عمر - رضي الله عنه - صلى العصر قبل المغرب ... ؛ لأن النفي إذا دخل على (كاد) اقتضى وقوع الفعل في الأكثر" (٤). ومظهر إيجازه في هذه المسألة أنه اقتصر على ما تثبته القاعدة النحوية.

وربما يذكر الحكم النحوي والترجيح دون أي توضيح أو تعليق، ومن ذلك: في قول ملك الحبشة: (فكيف كان قتالُكم إياه)، قال ابن الملقن: "فيه انفصالُ ثاني الضميرين، والاختيارُ أن لا يجيء المنفصلُ إذا تأتَّى مجيء المتصل" (٥).

كذلك من طرق الإيجاز لديه أنه قد يذكر الحكم النحوي مباشرة ثم يمثِّل له قبل عرض بقية الآراء، ومن ذلك في قوله - عليه السلام -: (فمن كانت هجرتُه إلى الله ورسوله فهجرته ... ) قال ابن الملقن: "لا بد فيه من تقدير شيء ... والتقدير: فمَن كانت هجرته إلى الله ورسوله نيةً وعَقْدًا،


(١) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ١٥/ ٤٦٠.
(٢) المصدر السابق ٦/ ٢٩٣.
(٣) المصدر السابق ١٠/ ٥٧٧.
(٤) المصدر السابق ٦/ ٢٨٢.
(٥) المصدر السابق ٢/ ٣٩٣.

<<  <   >  >>