للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسألة

وجه الإعراب في قوله: (عليك ليلٌ طويلٌ) بالرفع والنصب

في قوله - عليه السلام -: " ... عليك ليلٌ طويلٌ فارقُد ... " (١).

قال ابن الملقن:

"وقوله: (ليلٌ طويلٌ) رفعٌ على الابتداء، أو على الفاعل؛ بإضمار فعل أي: بقِي عليك. وقال القرطبي في رواية مسلم: وروايتُنا الصحيحة: (ليلٌ طويلٌ) على الابتداء والخبر، ووقع في بعض الروايات: (عليك ليلًا طويلًا)، على الإغراء. والأولُ أولى من جهة المعنى؛ لأنه الأمكَنُ في الغرور؛ من حيث إنه يُخبره عن طول الليل ثم يأمرُه بالرقاد بقوله: (فارقد)، وإذا نُصب على الإغراء لم يكن فيه إلا الأمرُ بملازمة طول الرقاد، وحينئذ يكون قولُه: (فارقد) ضائعًا" (٢).

بيان المسألة:

ذكر ابن الملقن روايتين في هذا الحديث للفظ (ليل طويل)؛ أحدُهما بالرفع على الابتداء أو على أنه فاعل لفعل مضمر، وثانيها بالنصب (٣) على الإغراء.

أما روايةُ الرفع فيرى القرطبي أنها الروايةُ الصحيحة، واستند في ذلك إلى المعنى؛ لأنه الأمكن في الغرور، فيُجمع للإنسان بين الإخبار بطول الليل ليطمئن ثم يُؤمر بالرقاد (٤)، ولا شك أن هذا من تلبيس إبليس؛ وهو مرادٌ شيطاني بحت.

وقد يُقصد بالغرور هنا: إيهامٌ يحمل الإنسانَ على فعل ما يضرُّه، وقيل: إيهامُ حالِ السرور فيما الأمرُ بخلافه في المعلوم، وليس كلُّ إيهام غرورًا؛ لأنه قد يُوهمه مَخُوفًا ليَحذرَ منه فلا يكونُ قد غرَّه (٥).

وأما روايةُ النصب فنقل القاضي أن رواية الأكثرين عند مسلم: "عليك ليلًا طويلًا"


(١) صحيح البخاري ٢/ ٥٢، باب عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يصل بالليل.
(٢) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٩/ ٨٩.
(٣) صحيح مسلم (٧٣٠).
(٤) المفهم ٢/ ٤٠٩.
(٥) الفروق في اللغة ٤٦١.

<<  <   >  >>