للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسألة

(لا) بين الزيادة وإفادة النفي

في قول زوج أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -: "لا، وقرةُ عيني" (١).

قال ابن الملقن:

(لا) في قولها: (لا وقرة عيني) زائدةٌ، ويُحتمل أن تكون نافيةً، وفيه محذوف؛ أي: لا شيءَ غير ما أقول، وهو قرةُ عيني" (٢).

بيان المسألة:

ذكر ابن الملقن أن (لا) في هذا الحديث زائدة، وأورد احتمالًا بأنها نافية، وبيان ذلك فيما يلي:

(لا) إذا كانت مع اليمين، فلا خلاف بين النحويين في جواز زيادتها أو حذفها (٣)، وتقديرُ اليمين: أقسم بالشيء الذي تقَرُّ به عيني، وقد تكونُ زيادتها لتوكيد النفي.

وقولُ أبي بكر - رضي الله عنه -: وايم الله، ما كنا نأخذُ من لقمة إلا رَبَا من تحتها أكثرُ منها، مشتمِلٌ على نفي، ومجيء (لا) بعدها إنما يكون كما ذُكِر.

أما كونُها نافية، فبشرط كون النفيِ غيرَ منتقض، وكون اسمها وخبرِها نكرتين، وعدمِ تقدم خبرها على اسمها، وكلُّ ذلك متحققٌ؛ غير أن ثَمَّ أمرًا قد يُضعِف هذا الرأيَ، وهو:

١ - أن اسمها وخبرها -مع لزومهما النكرة- محذوفان، كما قدَّر ذلك ابن الملقن: لا شيء غير ما أقول، وهو قرة عيني، والحذفُ إنما يكون مع الخبر كثيرًا.

٢ - أن تكرار النفي إنما يكون لزيادة تأكيده، ومجيئُها زائدة قد يكون لزيادة توكيد النفي.

٣ - ما ذكره ابن الملقن مجردُ احتمال، وما تطرَّق إليه الاحتمالُ بطَل به الاستدلال (٤).

ومن خلال ذلك يمكنُ القولُ بأن جعلها زائدةً أصحُّ وأقرب؛ بُعدًا عن الخلاف، ولوجود مؤكدٍ للنفي يزول معه الإشكال.


(١) صحيح البخاري ١/ ١٢٤، باب السمر مع الضيف والأهل.
(٢) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٦/ ٣٠٤.
(٣) حروف المعاني والصفات ٨، الأزهية في علم الحروف ١٥١، الجنى الداني في حروف المعاني ٢٩٠ - ٣٠١.
(٤) الاقتراح في أصول النحو ١/ ١٣٢.

<<  <   >  >>