للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحثُ الأول: الأفعالُ المبنيَّة

وفيه مسائلُ:

مسألة

(نِعْمَ) و (بِئسَ) بين التصرُّف وعدمِه

في قوله - عليه السلام -: "فنِعْمَ المُرضعةُ وبئست الفاطمةُ" (١).

قال ابن الملقن:

" (نعم) و (بئس): فعلان لا ينصرفان؛ لأنهما انتقلا عن موضعِهما، فـ (نعم) منقول من قولك: (نَعِمَ فلانٌ) إذا أصاب نعمة، و (بِئْس) منقول من (بَئِسَ) إذا أصاب بؤسًا، فنُقلا إلى المدح والذمِّ، فشابها الحروفَ، وقيل: إنهما استُعمِلا للحال بمعنى الماضي، وفيها أربعُ لغات: نَعِم بفتح أوله وكسر ثانيه، وكسرِهما، وسكون العين وكسرِ النون، وفتحِ النون وسكون العين. نعم المرأةُ هند، وإن شئت: نعمتِ المرأةُ هند" (٢).

بيان المسألة:

ذكر ابن الملقن أن (نعم) و (بئس) فعلان لا ينصرفان، ثم عرض لحكم لَحاقِ تاء التأنيث في آخر الفعل، وبيانُ ذلك فيما يلي:

أثبت ابنُ الملقن أن الفعلين لا ينصرفان، وهذه الكلمة (لا ينصرفان) غير مناسبة في هذا الموضع؛ إذ الانصرافُ وعدمُه يُطلق على الأسماء، وأما ما يكونُ مع الأفعال فهو: التصرُّف وعدمُه، وقد بدا لي أن هذه الكلمة (لا ينصرفان) ربما تكون مصحفةً من (لا يتصرَّفان).

هذا، ولا يمكنُ أن يقال بأنه قصد بـ (لا ينصرفان): لا ينتقلان؛ إذ عدمُ تصرفهما لا يقتضي انتقالَهما وانصرافَهما من شيء لآخر.

والمشهورُ عند العلماء أن (نعم) و (بئس) فعلان جامدان، قال ابن مالك (٣):

فِعلانِ غيرُ متصرِّفَيْنِ ... نعمَ وبئسَ رافعانِ اسمَيْن


(١) صحيح البخاري ٩/ ٦٣، باب ما يكره من الحرص على الإمارة.
(٢) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٣٢/ ٤٤٦، ووقع في الأصل (مفعول) بدل منقول في الموضعين، وهو تحريف.
(٣) ألفية ابن مالك ٤٣.

<<  <   >  >>