للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسألة

لام الابتداء في خبر (إنَّ) و (أنَّ) المشدَّدتين

في قول أبي سفيان: "إنه لَيَخافُه ملِكُ بني الأصفر" (١).

قال ابن الملقن:

"قوله: (إنه ليخافه ملك بني الأصفر)، هو بكسر الهمزة، ويجوز -على ضعف- فتحُها؛ على أنه مفعولٌ من أجله. قال القاضي: ضَعُفَ الفتح لوجود اللام في الخبر، لكن جوَّزه بعضُ النحاة، وقد قرئ شاذًّا: {إِلَّا أنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ} (٢)، بالفتح في (أنهم) " (٣).

بيان المسألة:

ذكر ابن الملقن أن بعض النحاة جوَّزوا فتح همزة (إن) مع وجود اللام في خبرها، وبيان ذلك فيما يلي:

المشهور عند النحويين أن همزة (إن) تُكسر إذا كان في خبرها اللام، وعلةُ ذلك أن اللام لام ابتداء مؤكِّدة، و (إنَّ) للتوكيد، فاجتمع توكيدان في أول الكلام.

وأما كون (إن) مكسورة الهمزة، فيجتمع توكيدان؛ فلأن اللام تمنع ما قبلها أن يعمل فيما بعدها، فأبقت (إن) مكسورة، وذلك مثل: (علمتُ لإنَّ زيدًا قائم)، فمنعت الفعل أن يعمل في (إن)، فأبقتها مكسورة الهمزة.

ولئلا يجتمع توكيدان في أول الكلام جُعلت اللام في الخبر (٤).

ومثل ذلك قولُ الشاعر:

أَلَمْ تَرَ إِنِّي وابْنَ أَسْوَدَ لَيْلَةً ... لَنَسْرِي إِلى نَارَيْنِ يَعْلُو سَنَاهُمَا (٥)

أما إن كان السياق في موضع التعليل؛ فيجوز في (إن) الفتحُ والكسر.


(١) صحيح البخاري ٦/ ٣٥، باب قل: {قُل يَاأَهلَ الكِتَابِ تَعَالَوا إِلَى كَلِمَة سَوَاءِ بَينَنَا وَبَينَكُم أَلَّا نَعبُدَ إِلَّا اللَّهَ} [آل عمران: ٦٤].
(٢) الفرقان: ٢٠.
(٣) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٢/ ٤٠٦.
(٤) المقتضب ٢/ ٣٢٤، الأصول في النحو ١/ ٢٦٢، اللامات ١/ ٧٧، علل النحو ١/ ٤٤٧.
(٥) البيت من الطويل، بلا نسبة في: الكتاب ٣/ ٢٢٠، شرح أبيات سيبويه ٢/ ١٣٧، شرح الكافية الشافية ١/ ٢٨٤.

<<  <   >  >>