للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسألة

(ما) بين المصدرية والنفي والزيادة

في قوله تعالى: {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ الَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (١).

قال ابن الملقن:

"قال إبراهيم: قليلًا ما ينامون، وقال الضحَّاك: قليلًا من الناس، وقال أنس: يصلون طويلًا ما ينامون، وعن الحسن: كانوا يتنفَّلون بين العشاء والعتمة. فعلى قول إبراهيم؛ يجوزُ أن تكون (ما) زائدةً أو مصدرًا مع ما بعدها، وهو قولُ أهل اللغة. وعلى قول أنس والحسن (ما) نافية" (٢).

بيان المسألة:

ذكر ابن الملقن المعانيَ المحتمَلة لـ (ما يهجعون)، ثم بيَّن نوعَ (ما) فيها، وبيان ذلك فيما يلي:

اختلف المفسرون في معنى {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ الَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}، على قولين:

الأول: أن المقصود ذكر حال الناس وقيامهم، وأن القليل منهم لا ينامون مطلقًا، وبعضهم يقتصرون على قليل من النوم، ويقتصر بعضهم على التنفل بين المغرب والعشاء.

الثاني: أن المقصود ذِكرُ مدةِ الزمن الذي ينامون فيه، ووصفه بالقليل (٣).

وكذلك اختُلِف في نوع (ما) في (ما يهجعون)؛ فإما أن تكون زائدة، فيصبح المعنى: كانوا يهجعون قليلًا؛ أي: ينامون قليلًا، أو مصدرية، وتكون (ما) وما بعدها في موضع رفعٍ اسمَ كان، و (قليلًا) بالنصب خبر لكان؛ أي: كان هجوعُهم من الليل قليلًا، أو نافية، فيصير حالهم منتفِيَ الهجوع ولو بقليل من الليل، بمعنى أن عادتهم إحياء جميع أجزاء الليل؛ فلا نوم لهم فيه (٤).

والقول بأن (ما) زائدة أو مصدرية، يرى ابنُ التين أنهما أبيَنُ الأقوال وأقعدها بكلام أهل


(١) الذاريات: ١٧. ذكرت الآية في أول باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، صحيح البخاري ٣/ ٥٣.
(٢) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٩/ ٩٦.
(٣) تفسير الضحاك ٧٩٠، تفسير الطبري ٢٢/ ٤٠٧ - ٤١٠، تفسير الإيجي جامع البيان في تفسير القرآن ٤/ ١٩١.
(٤) معاني القرآن للفراء ٣/ ٨٤، النكت في القرآن الكريم ٤٥٩، مشكل إعراب القرآن لمكي ٢/ ٦٨٦.

<<  <   >  >>