للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: كتابُ (التوضيح لشرح الجامع الصحيح)

المحتوى والقيمة

كتاب (التوضيح) موسوعةٌ ضخمة، ذاتُ قِيمة كبيرة، ويدلُّ على ذلك قولُ أولي النهى: إن شرف العلم بشرف المعلوم، وكتابُ (التوضيح) يتناولُ أصحَّ كلام بعد كلام الله عز وجل بالشرح والدراسة، فهو يعتمد على أصحِّ كتب الأحاديث سندًا، وهو صحيحُ البخاري -رحمه الله رحمةً واسعة- فنالَ شرفَ المعلوم (حديثَ النبي - صلى الله عليه وسلم -)، بخدمة أصحِّ كتاب بعد كتاب الله تعالى؛ وهو صحيحُ البخاري.

وكتابُ التوضيح أيضًا يُعَد من الأصول والمصادرِ الأساسية لكثيرٍ من الكتب المعاصرةِ له والتاليةِ بعده، فقلَّما تجدُ شارحًا للحديث إلا وقد أفاد من هذا الشرح ونقل عنه.

ولنا في كتاب (فتح الباري) لتلميذه الحافظِ ابن حجر -الذي قِيل عنه: لا هجرةَ بعد الفتح- خير دليل! . فإن الفتح قد ملأ الدنيا، وسارت به الركبانُ إلى يومنا هذا.

فتارة يُصرح ابنُ حجر باسم ابن الملقن، وتارةً يقولُ: قال شيخُنا. وقد تعرَّضنا لشيء من ذلك في مبحث: (تأثير آرائه فيمن جاء بعده).

كما أنَّ لكتاب التوضيح مزيةً؛ وهي: حِفظُ بعض ما فُقِد من الكتب، فمِن أمثال ذلك ما يعزو إليه كثيرًا؛ مثل: شرح البخاري لـ (مُغَلْطاي)، وشرحِ البخاري لـ (ابن التِّين)، وغيرِهما، وسيمُرُّ بنا ذلك لاحقًا في: مصادره من الكتب.

أما من ناحية المحتوى: فهذا الشرح بحر لُجِّي مختلِجة أمواجُه، فما إن يذكرُ الحديثَ إلا يُتبِعُه بالتثبت من الأسانيد، مُردفًا ذلك ما يُشكِلُ من الألفاظ والغريب والرجال، ولا يُغفِلُ بيانَ ما يُحتاج إليه من: الأحكام الفقهية، والأصولية، واللغوية، والنحوية، والصرفية، وكذلك ما يتعلق بالحديث من علم الرجال، والأنساب، والبلدان، والتاريخ، وما إلى ذلك.

مع كون مصنِّفِ الكتابِ قد ذكر أن المقصودَ من هذا الشرح، يتمثلُ في عشرة أمورٍ، سأوردُها، ثم أتبعُ ذلك بشيء من التعليق على هذه المقاصد؛ قال رحمه الله:

"أحدُها: في دقائقِ إسناده، ولطائفِه.

ثانيها: في ضبط ما يُشكِلُ من رجاله، وألفاظِ متونه ولغتِه، وغريبِه.

ثالثُها: في بيان أسماء ذوي الكنى، وأسماءِ ذوي الآباء والأمهات.

<<  <   >  >>