للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسألة

الفعل (نظر) بين التعدي واللزوم

في قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (١) (٢).

قال ابن الملقن:

" ... وخطأُ كونه في الآية بالمعنى الأول -وهو الانتظار- من وجهين:

أحدُهما: أنه عدِّي إلى مفعوله بـ (إلى)، وهو إذا كان بمعنى الانتظار لا يَتعدى بها، وإنما يتعدى بنفسه، قال تعالى: {فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ} (٣)، فعدَّاه بنفسه لَمَّا كان بمعنى (ينتظرون) ... " (٤).

بيان المسألة:

ذكر ابن الملقن أن كلمة (ناظرة) في الآية بمعنى النظر والمعاينة من بينِ معانيها الأخرى المحتمَلة لغةً؛ إذ تعني هذه الكلمةُ أكثر من معنى (٥)، وبيان ذلك فيما يلي:

خطَّأ ابن الملقن رأيَ من قال بأنَّ معنَى (ناظرة) من الانتظار، وعلَّل ذلك بأن معنى الانتظار يتطلبُ التعديَ أصالةً بلا واسطة! .

لكن ما قاله ابن الملقن غيرُ مطرد، فلا يتعينُ أن يكون معنَى النظر متعديًا بلا حرف جر (٦)، إذ وردت آياتٌ كريمة أخرى تخالفُ ذلك، من مثل قوله تعالى: {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} (٧)، فـ (ناظرة) بمعنى: منتظرة مرتقبة (٨).


(١) القيامة: ٢٣.
(٢) صحيح البخاري ٩/ ١٢٧، باب قول الله تعالى: {وُجُوه يَومَئِذ نَّاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة}.
(٣) محمد: ١٨.
(٤) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٣٣/ ٣٢٣.
(٥) تهذيب اللغة ١٤/ ٢٦٥ - ٢٦٦، معجم الفروق اللغوية ١٣٤، لسان العرب ٥/ ٢١٧.
(٦) نقعة الصديان فيما جاء على الفعلان ٤١، التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل ٦/ ٨٩، تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد ٣/ ١٥١٩.
(٧) النمل: ٣٥.
(٨) تفسير القرطبي ١٣/ ٢٠٠، التحرير والتنوير ١٩/ ٢٦٧، الموسوعة القرآنية ١٠/ ٤٦٢.

<<  <   >  >>