للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسألة

التقارُضُ بين (إذْ) و (إذا)

في قولِ ورقةَ بنِ نوفل: "ليتني أكونُ جَذَعًا، إذْ يُخرجُك قومُك" (١).

قال ابن الملقن:

"قوله: (إذ يخرجك قومك)، استعمل فيه (إذْ) في المستقبل كـ (إذا)، وهو استعمال صحيح، كما نبَّه عليه ابنُ مالك، وقال: غفَل عنه أكثرُ النحويين، ومنه قولُه تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ} (٢)، وقولُه: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْأزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ} (٣)، وقوله: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٧٠) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (٧١)} (٤)، قال: وقد استُعمل كل منهما في موضع [الآخر]؛ يعني: (إذ) و (إذا)، ومن الثاني قولُه تعالى: {إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ} (٥)، و {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً} (٦)، و {إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ} (٧) " (٨).

بيان المسألة:

ذكر ابن الملقن أنه يجوزُ أن تقع (إذ) لِمَا يُستقبل من الزمان، وبيانُ ذلك فيما يلي:

المشهورُ عند النحويين أن (إذْ) لما مضى من الزمان، و (إذا) لما يُستقبل من الزمان، قال الخليلُ: "فـ (إذا) فيما يُستقبل بمنزلة (إذ) فيما مضى" (٩)، وهذا ما ذهب إليه أكثرُ المحققين؛ أن (إذ) لا تقعُ موقعَ (إذا) ولا تقعُ (إذا) موقعَ (إذ) (١٠).

غير أن بعضَ المتأخِّرين يرون جوازَ وقوع كلٍّ منهما موقعَ الآخر، قال ابنُ مالك في


(١) صحيح البخاري (١/ ٧)، باب بدء الوحي.
(٢) مريم: ٣٩.
(٣) غافر: ١٨.
(٤) غافر: ٧١.
(٥) آل عمران: ١٥٦.
(٦) الجمعة: ١١.
(٧) التوبة: ٩٢.
(٨) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٢/ ٢٩٢.
(٩) نقلًا: الكتاب ٣/ ٦٠.
(١٠) الجنى الداني ١٨٨، ٣٧١.

<<  <   >  >>