للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسألة

علة منع (مَثْنَى) من الصَّرْف

في قوله - عليه السلام -: " ... صلاةُ الليل مَثْنى مَثْنى ... " (١).

قال ابن الملقن:

"معنى (مثنى مثنى): اثنين اثنين؛ يريد: ركعتين ركعتين بتسليمٍ في آخِر كل ركعتين، و (مثنى) معدولٌ عن: اثنين اثنين؛ فهي لا تنصرفُ للعدل المكرَّر، وكأنها عُدلت مرتين؛ مرة عن صيغة اثنين، ومرة عن تكرُّرِها، وهي نكرةٌ تُعرَّف بلام التعريف، تقولُ: المَثْنَى، وكذا ثُلاثُ ورُباعُ، وقيل: إنما لم تنصرف للعدل والوَصْف، تقول: مررتُ بقومٍ مَثْنَى. أي: مررت بقوم اثنين اثنين، وموضعُها رفعٌ؛ لأنها خبر المبتدأ الذي هو قولُه: "صلاةُ الليل وفي رواية عن ابن عمر سُئل: ما مثنى مثنى؟ قال: يُسلِّم في كل ركعتين" (٢).

بيان المسألة:

ذكر ابن الملقن علةَ منعِ (مثنى) من الصرف، وذلك للعَدْل المكرر، أو العدل والوصف، وللنحاة مذاهبُ عدةٌ حول منع (مثنى) من الصرف.

وبيان ذلك فيما يلي:

المذاهبُ المنقولة في علة منعِ (مَثْنَى) من الصرف أربعةٌ:

المذهب الأول: ما نقل عن الخليل، وهو أن (مثنى) مُنعت من الصرف للعَدْل من: اثنين اثنين، وللوَصْف؛ لأن هذه الألفاظ لم تستعمل إلا نكراتٍ (٣)، ففي الحديث السابق " ... صلاة الليل مثنى مثنى ... "؛ تُعرب (مثنى) الأولى خبرًا لـ (صلاة الليل)، والثانيةُ توكيد.

وأُورِدَ عليه بأن الوصفية في أسماء العدد عارضةٌ؛ وهي لا تمنعُ من الصرف، ويُجاب بأن هذا التركيب لم يُوضع إلا وصفًا، ولم يستعمل إلا مع اعتبار الوصف فيه، ووضعُ المعدول غيرُ


(١) صحيح البخاري ٢/ ٤٢، باب ما جاء في الوتر.
(٢) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٨/ ١٦٦.
(٣) الكتاب ٢/ ١٥، ونص عبارته "وسألته عن أحاد وثناء ومثنى وثلاث ورباع، فقال: هو بمنزلة أُخَر، إنما حدُّه واحدًا واحدًا، واثنين اثنين، فجاء محدودًا عن وجهه، فتُرك صرفه".

<<  <   >  >>