للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسألة

الرفعُ والنصبُ للمنادى العلمِ المعرفة

في قوله - عليه السلام -: " ... يا معاذُ بنَ جبل، قال: لبَّيْك يا رسولَ الله وسعدَيْك ... " (١).

قال ابنُ الملقن:

"قولُه: (يا معاذُ بنَ جبل)، أما (ابن) فمنصوب قطعًا، ويجوزُ في (معاذ) النصبُ والرفع، واختار ابنُ الحاجب النصبَ على أنه تابعٌ لـ (ابن)، فيصيرانِ كاسمٍ واحد مركبٍ كأنه أُضيف إلى (جبل)، والمنادى المضافُ منصوبٌ قطعًا، واعترضه ابنُ مالك فقال: الاختيارُ الضم؛ لأنه منادًى علمٌ، ولا حاجة إلى إضمار" (٢).

بيان المسألة:

ذكر ابنُ الملقن الوجهَ الإعرابي لـ (ابن) إذا كان بين عَلَمين، وعرض لرأي النحويين في المنادى الموصوفِ بـ (ابن)، ثم ذكر الحكم الإعرابي للمنادى المضاف، وبيانُ ذلك فيما يلي:

أجمع النحويون على أن المنادى العلمَ المفردَ يُبنى على ما يُرفع به، ويكونُ في محل نصبٍ بتقديرِ أدعو (٣)، أما إذا وُصف العلمُ المفرد بـ (ابن) فالنحويون في ذلك على أقوال:

فمنهم مَن يجيز نعتَه؛ فيكونُ إمَّا برفع المنادى أو نصبِه؛ ففي مثلِ: (يا زيدُ بن عبد الله)، يرى المبردُ أن الأجودَ رفعُ زيد، فتقول: (يا زيدُ)، وقال ابنُ مالك: (إن ذلك هو القياسُ) (٤). ويرى جمهورُ البصريين وابنُ كيسان أن الفتحَ أكثرُ في كلام العرب (٥). ويرى الزمخشريُّ تحتُّمَ الفتحِ في المنادى إذا وقع (ابنُ) بعده وهو بين علمين، واعترض على ذلك ابنُ الحاجب بأن الفتحَ ليس بمُحتَّمٍ، وإنما الفتحُ أفصحُ، مع جواز الضم (٦).

ومنهم مَن يرى الجوازَ مع أن القياس خلافُه؛ كأبي علي الفارسي؛ وذلك في قوله: "والدليلُ


(١) صحيح البخاري ١/ ٣٧، باب من خص بالعلم قومًا دون قوم كراهية أن لا يفهموا.
(٢) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٢٩/ ٣٣٣.
(٣) الكتاب ٢/ ١٨٢، المقتضب ٤/ ٢٠٢، الإنصاف ١/ ٣٢٦، الارتشاف ٤/ ٢١٧٩.
(٤) المقتضب ٤/ ٢٣٢، تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد ٧/ ٣٥٤٩.
(٥) الارتشاف ٤/ ٢١٨٧، تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد ٧/ ٣٥٤٩.
(٦) الإيضاح في شرح المفصل ٢/ ٢٦٩.

<<  <   >  >>