للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسألة

المضارع بعد (حتى) بين الجزم والنصب

في قول الحجاج: "فأنظِرْني حتى أفيضَ على رأسي ثم أخرج" (١).

قال ابن الملقن:

"وقوله: (حتى أفيض) قال: صوابُه أُفِض؛ لأنه جوابُ الأمر" (٢).

بيان المسألة:

ذكر ابنُ الملقن أن الفعل المضارع مجزومٌ، ولا وجه لنصبه، وبيانُ ذلك فيما يلي:

للفعل المضارع في هذا الحديث روايتان: بنصبِ (أفيض) (٣)، وجزمِه (٤).

أما كونُه منصوبًا؛ فاختلف النحويون في ناصبه؛ فالبصريون يرون أن (حتى) جارة والناصب هو (أنِ) المضمرةُ بعد (حتى)، قال ابنُ مالك:

وبعد حتى هكذا إضمارُ (أنْ) ... حَتْمٌ كجُدْ حتى تسُرَّ ذا حَزَنْ (٥)

أما الكوفيون فيَعُدُّون (حتى) هي الناصبةَ للفعل (٦).

أما كونُ الفعل مجزومًا؛ فلأن جوابَ الأمر متضمِّنٌ معنى الشرط (٧)، قال ابن مالك:

وجائزٌ جزمُ جوابُ الأمر إنْ ... كان بغيرِ فعلِ أمرٍ يقترِنْ

هذا، ويمكنُ أن تكون (حتى) ابتدائيةً، ويليها الفعلُ المضارعُ مرفوعًا.

والذي يترجَّحُ من ذلك أن كِلَا الروايتين صحيح، بخلاف ما ذُكِر أن صوابَ النصب هو الجزمُ.


(١) صحيح البخاري ٢/ ١٦٢، باب التهجير بالرواح يوم عرفة.
(٢) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ١١/ ٥٤٠.
(٣) الموطأ ٣/ ٥٨٥، صحيح البخاري ٢/ ١٦٢، السنن الكبرى للبيهقي ٥/ ١٨٧.
(٤) شرح السنة للبغوي ٧/ ١٦٠.
(٥) ألفية ابن مالك ٥٧.
(٦) الجنى الداني في حروف المعاني ٥٥٤، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ١/ ١٧٠.
(٧) علل النحو ٤٤١، شرح المفصل لابن يعيش ٤/ ٢٧٤، شرح الكافية الشافية ٣/ ١٥١٧.

<<  <   >  >>