للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسألة

المضارع بين البناء للمعلوم والمجهول

في قوله - عليه السلام -: "ولن يُشادَّ الدِّين إلا غلبه" (١).

قال ابن الملقن:

"وقوله: (ولن يُشادَّ الدِّين إلا غلبه)، هكذا وقع للجمهور من غير لفظة (أَحَدٌ)، وأثبتها ابنُ السَّكَنِ، وهو ظاهرٌ، و (الدِّين) على هذا منصوبٌ، وأما على الأُولى فرُوي: بنَصْبه، وهو ضبطُ أكثر أهل الشام على إضمار الفاعل في (يشاد) للعلم به، ورَفْعِه؛ وهو روايةُ الأكثر؛ كما حكاه صاحبُ (المطالع)، وهو مبنيٌّ لِمَا لم يُسَمَّ فاعلُه" (٢).

بيان المسألة:

ذكر ابن الملقن أن (الدِّين) روي منصوبًا ومرفوعًا، وبيانُ ذلك فيما يلي:

المشهورُ عند الصرفيين أن المضارع من ماضي الرباعي يُصاغ بضم حرف المضارَعة وكسرِ ما قبل الآخِر، إن كان الفاعل معلومًا، أمَّا إن بُني للمفعول فبفتحِ ما قبلَ الآخِر (٣).

غير أن الفعل (يُشادُّ) جاء فيه ما قبل الآخر ساكنا بسبب الإدغام، فصارت حركته قبل الإدغام محتملة للفتح (يُشادَد) وللكسر (يُشادِد)، ومن ثَمَّ صار معناه محتمِلًا لأن يكون مبنيًّا للفاعل ومحتملًا لأن يكون مبنيًّا للمفعول؛ ولا سيما إن كان السياقُ يحتمِلُ الأمرين كما في الحديث الذي معنا (ولن يُشادَّ الدين إلا غلبه) (٤)، ومثله في ذلك (يضار) كما في قوله تعالى: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} (٥) (٦)، وغيره من الأفعال المضعفة.

١ - فلو كان الأصل (لن يشادَد الدينُ) فسيكون (الدين) نائبَ فاعل مرفوعًا.

٢ - ولو كان الأصل (لن يشادِد الدينَ) فسيكون (الدين) مفعولًا منصوبًا، والفاعل


(١) صحيح البخاري ١/ ١٦، باب الدين يسر.
(٢) التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٣/ ٨٤.
(٣) الكتاب ٤/ ٢٨٢، شرح التصريف للثمانيني ١/ ١٩٩، شذا العرف في فن الصرف ٤٢.
(٤) صحيح البخاري ١/ ١٦، سنن النسائي ٨/ ١٢١، مسند الشهاب ٢/ ١٠٤.
(٥) البقرة: ٢٨٢.
(٦) للتفصيل ينظر: الدر المصون في علوم الكتاب المكنون ٢/ ٦٧٥.

<<  <   >  >>