للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذم، فصورتُهما لما هو موجودٌ.

أما كونُ التصرف أصلًا في الأفعال؛ فصحيحٌ، غير أن انتقالهما من (نَعِمَ) و (بَئِسَ) إلى المدح والذم منَعَهما من التصرف، على أن سيبويه يرى أنهما وُضِعا للرداءة والصلاح، ولا يكونُ منهما فعلٌ لغير هذا المعنى (١).

واتصالُ تاء التأنيث دليلٌ واضح على فعليتهما؛ فإن قيل: إن التاء قد تدخلُ على الحروف كـ (ثُمَّت)، فلَحاقُها بالحرف يُبطل اختصاصَها بالفعل، وبذلك يبطل فعليتهما.

فالجواب عن ذلك من أوجه:

١ - أن التاء في (نِعْمَت) للاسم المؤنث الذي بعدها، والتاء في (ثُمَّت) لتأنيث الحرف نفسه ولا تعلق لها بما بعدها.

٢ - أن التاء في (نعمت) لا تدخل على المذكر، والتاء في (ثمت) تدخل على المذكر.

٣ - أن التاء في (نعمتْ) ساكنة، والتاء في (ثمتَ) متحركة.

هذا هو المعتمد في الاستدلال على فعليتهما، وأما الاستدلالُ على الفعلية بعدمِ وجودِ سببٍ لبنائهما لو كانا اسمين؛ فضعيفٌ (٢).

والذي يترجحُ من هذين القولين أنهما فعلان غير متصرفين؛ لانتقالهما من الخبر إلى نفس المدح والذم، وبذلك أشبَهَا الحرفَ في إفادة المعنى، إذ الأصلُ في إفادة المعاني إنما هي الحروف (٣).

هذا ولا يمكنُ أن يقالَ إنهما حرفان؛ لاستتار الضمير فيهما، ولا يستترُ ضميرُ الفاعل إلا في الأفعال (٤).

وقد يستعمل (نعم) و (بئس) فعلين متصرفين إن قُصد بهما زمنٌ معين، فتقول: نعِمَ العيشُ يَنعَمُ فهو ناعمٌ.

وأما اللغاتُ الواردة في (نعم) و (بئس) فهي أربع:


(١) الكتاب ٢/ ١٧٩.
(٢) الإنصاف في مسائل الخلاف ١/ ٩٢.
(٣) شرح المفصل لابن يعيش ٤/ ٣٨٩.
(٤) علل النحو ٢٩٠ - ٢٩٢، الإنصاف في مسائل الخلاف ١/ ٨١ - ١٠٣.

<<  <   >  >>