للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي يترجحُ أن (أكثرَ) بدلٌ من الكاف في (أريتكن) للأسباب التالية:

١ - الفعل (أُرِيت) فعل مبني للمجهول، وذلك ما جعَله قاصرًا عن مفعول كان متعديًا إليه قبل الصوغ (١)، فـ (نائب الفاعل) هو المفعولُ الأول، والضميرُ (كن) مفعولٌ ثانٍ.

٢ - أن الحكم على (أكثرَ) بـ (الحالية) مخالِفٌ لِمَا هو معلومٌ عند العلماء؛ وذاك أن الحال إذا وردت معرفةً أو معرَّفة بالإضافة، حُكِم عليها بالشذوذ، وأُوِّلت إلى نكرة (٢)، وإلى هذا أشار ابنُ مالك بقوله (٣):

والحالُ إنْ عُرِّفَ لفظًا فاعتَقِدْ ... تَنكِيرَه مَعْنًى كوَحْدَك اجتَهِدْ

وهذا بخلاف ما يراه الفارسي: أن الحال لا تُعرَّف بالإضافة (٤)، والصحيحُ أنها تُعرف بالإضافة (٥).

وبهذين السببين يترجَّحُ كونُ (أكثرَ) بدلًا من الكاف في (أريتكن)، لبُعدِها عن الخلاف.

أما مَن رأى أنها عِلْمِّية: فـ (أكثر) عنده مفعولٌ ثالثٌ لـ (أرى)، وكانت رؤيته - صلى الله عليه وسلم - لهن في ليلة الإسراء (٦).

ومما سبق يظهرُ أنه لا مانع من التأويلين؛ فيجوز أن يكون (أرى) متعديًا إلى اثنين، قياسًا على: (أراني الله إياكن)، ومتعديًا إلى ثلاثة قياسًا على: (أُخبرت وأُعلمت ليلةَ الإسراء أنكن ... )، وكل ذلك واردٌ عند شُرَّاح الحديث.


(١) شرح الكافية الشافية ٢/ ٥٧٤.
(٢) الكتاب ٢/ ١١٢، شرح التسهيل ٢/ ٣٢٧.
(٣) ألفية ابن مالك ٣٢.
(٤) الإيضاح العضدي ٢٦٩.
(٥) المفصل في صنعة الإعراب ١٢٠، شرح التسهيل ٣/ ٢٢٩، توضيح المقاصد والمسالك ٢/ ٧٨٧، شرح شذور الذهب للجوجري ٢/ ٥٨١ - ٢٨٢.
(٦) فتح الباري ١/ ٤٠٦، عمدة القاري ٣/ ٢٧١.

<<  <   >  >>