للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأوثان؛ والرجسُ أعم. وعلى الرأي الأول (من) لابتداء الغاية.

أما القاضي عياض (١) فيَعُد (من) تبعيضيةً، وذلك لِمَا ورد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الرؤيا الحسنةُ، من الرجل الصالح، جزءٌ من ستة وأربعين جزءًا من النبوة" (٢).

أي: أن الرؤيا بعض النبوة.

غير أن أبا حيان الأندلسي يرى فرقًا بين (من) التبعيضيةِ و (بعضٍ)، ويرجعُ عدمَ التفريق بينهما إلى صعوبة الأمر على قليلي التدبر من الطلبة (٣).

ومما سبق يتبيَّن أن النحويين اختلفوا حول معنى (من)؛ أهي للتبعيض أم لبيان الجنس؟ ويمكن إرجاعُ هذا الخلاف إلى تقارب المعنيين.

بل لقد وصَف المالَقيُّ تقارُبَ هذين المعنيين بالمعنى الخفي؛ إذ التي للتبعيض تُقدَّر بـ (بعض)، والتي لبيان الجنس تُقدر بتخصيص شيء دون غيره (٤).


(١) إكمال المعلم بفوائد مسلم ١/ ٤٧٩.
(٢) صحيح البخاري ٩/ ٣٠ باب رؤيا الصالحين.
(٣) التذييل والتكميل ١١/ ١٢٣، ومثَّل للتفريق بينهما بـ (أكلت بعض الرغيف) و (أكلت من الرغيف)، فالأول: الأكل وقع على البعض، وذكر الرغيف لذلك البعض، وفي المثال الثاني: الأكل وقع بالرغيف، والرغيف هنا متعلق بالأكل، ودلت (من) أنه لم يعمه. ينظر: تمهيد القواعد ٦/ ٢٨٨٧.
(٤) رصف المباني ٣٢٣.

<<  <   >  >>