المسائل النحوية في كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح

المبحث الثاني: الحروف المهملة - مسألة مجيء (إلا) لغير الاستثناء - ص: 177

٢ - مَن يرى زيادتها؛ كالأخفش وبعضِ نحوي البصرة والكوفة وغيرهم (١).

٣ - مَن يرى عدم زيادتها؛ لأسباب؛ منها:

أ- لو كانت زائدة لما ابتُدئ بها.

ب- أن زيادتها إنما تكون في النفي.

ج- لعدم القول بالزيادة في القرآن.

والترجيح: أن في الكلام محذوفًا تقديرُه: ما منعك من السجود فأحْوَجَك أن لا تسجد (٢).

هذا، ولو لم يكن عند مَن منع زيادة (إلا) إلا الاحتجاج بالزيادة في القرآن، لكان كافيًا، ولِمَا في زيادتها من إشكال، إذ خالفت المواضعَ التي يجوزُ فيها القول بالزيادة.

وأما القولُ بأن (إلا) في قول أبي النضر: (فلا يخرجكم إلا فرارًا منه) للإيجاب، ففيه نظرٌ؛ إذ الإيجابُ يكون بعد النفي والجَحْد (٣)، و (إلا) لم يسبقها نفيٌ، وإنما سبقها (لا) الناهية الجازمةُ.

وإن قيل: فلم لا تُحمل (إلا) على الأصل؛ وهو الاستثناء؟

فالجواب: أن ذلك واضح من المعنى؛ إذ يكون المعنى حينئذ أن الخروج من أرض الوباء منهيٌّ عنه إلا أن يكون الخروج فرارًا، وهذا محال.

هذا، ويمكن أن يُجمع بين (فرارًا منه) و (إلا فرارًا منه)، وذلك بأن تُجعل (إلا) للحصر، فيصبح المعنى: حصر الخروج المنهي عنه في الفرار، أما الخروجُ لغيره فجائز، وقال الكرماني: هذا التفسيرُ للمعلل المنهي عنه؛ وهو الفرار، وليس للنهي (٤).

وأما ما قيَّده بعض رواه الموطأ (٥): (إلا الإفرار)، فهذا لحن ووهم (٦)، لأن الفعل ثلاثي لا

---

(١) معاني القرآن للأخفش ١/ ٣٢١، تفسير الطبري ١٢/ ٣٢٤، بحر العلوم ٣/ ٥٢٠، الكشف والبيان عن تفسير القرآن ٢/ ٢٨، غرائب التفسير وعجائب التأويل ١/ ٣٩٨.
(٢) تفسير الطبري ١٢/ ٣٢٦، إعراب القرآن للنحاس ٥/ ٥١، تفسير القرطبي ١٧/ ٦٥.
(٣) الكتاب ٢/ ٣١٠، حروف المعاني والصفات ٧، الأزهية في علم الحروف ١٧٤، نتائج الفكر في النحو ٦٠.
(٤) الكواكب الدراري ١٤/ ١٠٤.
(٥) لم أعثر -حسب اطلاعي- على من رواه.
(٦) فتح الباري ٦/ ٥٢٠.